كيف تحولت الصين من إمبراطورية إلى جمهورية ؟ | دموع التنين وابتسامة الجمهورية

وفي أكتوبر من عام 1911 قادت مجموعة من الثوار في جنوب الصين ثورة ناجحة ضد أسرة تشينغ أخر السلالات الإمبراطورية، وأنشأت مكانها جمهورية الصين وأنهت النظام الإمبراطوري؛ قبل ذلك في القرن التاسع عشر واجهت إمبراطورية تشينغ عدد من التحديات، بما في ذلك عدد من التوغلات الأجنبية في الأراضي الصينية، أسفرت عن ما سمي بحرب الأفيون ضد القوى الغربية بقيادة بريطانيا العظمى والتي كانت من نتائجها خسارة هونغ كونغ وفتح الموانئ التي أسفرت عنها معاهدة التجارة الدولية وامتيازات أجنبية كبيرة في المدن الكبرى.

عد خسارو الصين في الحرب الصينية اليابانية بين أعوام 1894- 1895 أجبرت الإمبراطورية الصينية على التخلي عن سيطرتها على المزيد من الأراضي، وفقدت تايوان وأجزاء من منشوريا وفقدت سيطرتها على كوريا، لكن عند اندلاع الحرب الروسية اليابانية خلال عام 1904 وانتصار اليابان، أصبح اليابانيين أكبر قوة في شرق أسيا، وهذا ما أضعف من حكم سلالة تشينغ في الصين، كل هذه الظروف أدت لانتشار الأفكار الثورية في المجتمع الصيني، حيث أن الشعب كان يتمنى أن يرى الصين أقوى وموحد ولا تحكمها أسرة ضعيفة كما يرون في سلالة تشينغ.

الامبراطورية

 مع تراجع شعبية حكم تشينغ بذلت الأسرة الحاكمة جهود أخيرة في الإصلاح الدستوري، وفي عام  1905 ألغت الحكومة نظام الاختبارات الإمبراطورية، والتي كان بها لا يكون من الطبقة الارستقراطية إلا من ينجح في هذه الاختبارات، وفي مواجهة التحديات الخارجية المتصاعدة عملت الصين على تحديث الجيش، وأيضا قررت التغيير شيئا من نظام الحكم المركزي لتعطي المجالس المنتخبة المحلية المزيد من الصلاحيات، على الرغم من أن سلالة تشينغ حافظت على درجة من السيطرة داخل الصين في أخر أيام الإمبراطورية، إلا أن ملايين الصينيين كانوا يعيشون في الخارج، وخاصة في جنوب شرق أسيا والأمريكيتين، بدأ هؤلاء في الضغط من أجل إصلاح واسع النطاق أو ثورة صريحة، وهنا برز “كانغ واي” و”ليان تشاو” كقادة يدعون لملكية دستورية، قاد “سون يان سين” مجموعة حملت اسم التحالف الثوري أو “تونغ مينغ يوي”، ودعى التحالف الثوري إلى استبدال حكم تشينغ بحكومة جمهورية، كان سونغ نفسه قومي بميول اشتراكية.

 تعود جذور جهود كل القادة الثوريين الصينيين المغتربين إلى جنوب الصين، حيث حاول التحالف الثوري إشعال سبع ثورات مختلفة ضد سلالة تشينغ لأعوام قبل قيام الثورة، كل هذه الثورات تم إيقافها من قبل الجيش، ولكن في خريف عام 1911 حولت مجموعة الظروف المناسبة انتفاضة في مقاطعة وود تشانغ إلى ثورة قومية، ومع التصاعد استجاب الإمبراطور بشكل إيجابي لمجموعة من المطالب التي تهدف لتحويل الحكم الإمبراطوري الاستبدادي إلى ملكية دستورية وتم تعيين “واي شي كاي” رئيس وزراء جديد للصين، ولكن قبل أن يتمكن من استعادة المناطق التي تم استيلائها من الثوار، بدأت مقاطعات أكثر في إعلان ولاءها للتحالف الثوري.

الجمهورية

 كان سونغ سين في الولايات المتحدة في جولة لجمع التبرعات في وقت الثورة الأولى، ومع اشتعال الثورة أسرع أولا إلى لندن وباريس لضمان عدم تقديم أي من الدولتين دعم مادي أو عسكري لحكومة الإمبراطور في نضالها، بعد ذلك عاد للصين وعند وصوله كان الثوار قد استولوا على نانجينغ العاصمة السابقة في عهد أسرة مينغ، وبدأ ممثلو المقاطعة في إنشاء أول جمعية وطنية معا، لينتخب سون يانسن رئيس مؤقت لجمهورية الصين المعلنة حديثا، أرسل سونيا تشين برقية إلى رئيس وزراء يوان شاي ووعده بأنه إذا وافق على تشكيل جمهورية فسيكون منصب الرئيس له.

 ومع ضعف الموقف العسكري لأسرة تشينغ ووضع أحكام للحفاظ على العائلة المالكة في البلاط، تنازل الإمبراطور والعائلة المالكة عن العرش في فبراير من عام 1912، لم تكن ثورة 1911 سوى الخطوات الأولى في عملية لاستكمال ثورة 1949، على الرغم من أن الحكومة الجديدة أنشأت جمهورية الصين وأنشأت مقر الحكومة بينانغ، إلا أنها فشلت في توحيد البلاد تحت سيطرتها، أدى انسحاب جيوش إمبراطور تشينغ إلى فراغ في السلطة في مناطق معينة، مما أدى إلى صعود أمراء الحرب غالبا ما كان أمراء الحرب هؤلاء يسيطرون على أراض دون الاعتراف بالحكومة القومية.

بالإضافة إلى ذلك فإن الإصلاحات التي وضعتها الحكومة الجديدة لم تكن شاملة كما كان ينوي الخطاب الثوري، ظلت الدول الأجنبية التي لديها استثمارات في الصين محايدة طوال الاضطرابات، على الرغم من أنها كانت حريصة على حماية حقوق المعاهدة التي وقعتها سلالة تشينغ خلال حرب الأفيون الأولى والثانية، لكن الولايات المتحدة دعمت المشروع الجمهوري، ولهذا ففي عام 1913 كانت الولايات المتحدة من بين الدول الأولى التي أقامت علاقات دبلوماسية كاملة مع الجمهورية الجديدة، وسرعان ما تبعتها بريطانيا واليابان وروسيا، وبهذا انتهت أخر إمبراطوريات الصين بقيام الثورة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى