الدولة المرينية من التأسيس إلى الضعف

تعتبر الدولة المرينية من أطول الدول عمرا في تاريخ المغرب الوسيط، إذ إستمرت حوالي 265 سنة ، ووفقًا للتقسيمات التي وضعها ابن خلدون وشجرة النسب التي أوردتها بعض المصادر، تنتمي قبائل بنو مرين التي تُنسب إلى جدها “مرين بن ورتاجن بن ما خوخ الزناتي”، إلى الجيل الثاني من الكتلة القبلية الكبرى زناتة، وتجتمع مع غيرها من القبائل الزناتية من الجيل نفسه مثل بنو عبد الواد.
     اعتاد بنو مرين على ممارسة الانتجاع والترحال وشن الغارات عبر البراري والقفار الشاسعة بالمجالات الصحراوية الممتدة من نهر ملوية غربا إلى بلاد  الزاب شرقا. ومن الواضح أن قبائل بني مرين استغلت تراجع نفوذ الإمبراطورية الموحدية وتآكل قواها نتيجة هزيمة العقاب لتكتسح المجال الخصيب من المغرب الأقصى،حيث انهم خرجوا من مناطق انتجاعهم، بين أعالي ملوية، وفكيك، وأجرسيف، وسجلماسة، والتوغل عبر ممر تازة  والوصول إلى نواحي فاس جعلهم يفرضون رقابتهم على المسالك التجارية.

أسس قيام الدولة المرينية

خلافا للمرابطين والموحدين، الذين تركز قيامهم على اساس الدعوة الدينية ، لم يكن للعامل العقدي/ الديني حسب العديد من الباحثين أي أثر في تكوين دولة بني مرين، لأنهم لم يسندوا دعوتهم الى مذهب جديد او عقائد مستحدثة، إلا أن ذلك لم يمنعهم من التحلي بالصفات الاسلامية التي تحلى بها من سبقهم من ملوك المغرب، خصوصا وانهم سيرفعون راية الجهاد عند تدخلهم بالاندلس.

   وكنتيجة لذلك ، ظل امراء بني مرين على التوالي طوال مدة حكمهم يبحثون عن المشروعية. 

الأساس القبلي للدولة المرينية

العصبية القبلية، حيت أنهم ينتمون إلى الجيل الثاني من الكتلة القبلية الكبرى زناتة.

تحالف بني مرين مع قبائل رياح العربية( المجاورة لقبيلة زناتة) ضد الموحدين.

الأساس المادي/الاقتصادي

غاراتهم للموحدين كانت في عمومها ذات أهداف اقتصادية  أكثر منها أهدافا سياسية، إضافة الى ذلك ، عمل المرينيون على مراقبة الطرق التجارية الصحراوية.  

   لأساس السياسي

إنتقلوا من الطور القبلي إلى الطور السياسي، بحيث أن الطموح السياسي لديهم كبر بشكل تدريجي ، بذريعة إصلاح أوضاع البلاد، وتخليصها من الفوضى واللإضطرابات  جراء ضعف الموحدين.

مرحلة تأسيس الدولة المرينية

ظهر بنو مرين على الساحة منذ أن  كثفوا من غاراتهم على الموحدين التي كانت ذات اهداف إقتصادية سنة 1214م.

لكن في عهد أول أميرهم عبد الحق بن محيو1244م-1258م تبلور المشروع السياسي الذي تمكن بعدما قويت شوكته من إستغلال مجموعة من التطورات أهمها:

  • مصرع الخليفة السعيد الموحدي في الحرب أمام حاكم تلمسان، عام 1248م ليؤسس إمارة مرينية بفاس.
  • حصل على الدعم من طرف  الحفصيين لمواجهة الموحدين.
  • قاد عدة حملات لبسط النفوذ على القسم الشمالي من البلاد إلى واد ام الربيع.

      بعد وفاة عبد الحق بن محيو تولى الحكم بعده إبنه أبو يوسف يعقوب الذي حكم من 1258م-1286م،ومن أهم ما قام به:

  • فك الارتباط مع الحفصيين  
  • دخول مراكش عام 1269 
  • وضع يده على سجلماسة وسبتة كذلك على درعة وسوس  
  • قاد أربع حملات جهادية  للأندلس بين 1275م-1286م 

مرحلة الإزدهار

أبو يعقوب يوسف 1286م-1307م

  • إكتفى بحملة جهادية واحدة في الأندلس عام 1291م.
  • شن حملات نحو تلمسان مند سنة 1288م إلى أن دخلها سنة 1299م.
  • تحولت الدولة المرينية في فترته من البدو الى الحضر المتمدنين المحبين للترف بحسب توصيف ابن خلدون. 

في الفترة الممتدة بين أبو يعقوب يوسف وأبو الحس، تعاقب على الحكم عدة سلاطين: أبو ثابت الذي توفي من المرض في عام 1308م، ثم أبو الربيع، الذي حكم من عام 1308م إلى عام 1310م، وبعده أبو سعيد عثمان من عام 1310مإلى عام 1331م، والقاسم المشترك بينهم انهم حاولوا تنويع التحالفات القبلية البدوية والتوجه نحو المدن. 

السلطان الموالي أبو الحسن 1331م-1351م

  • مني بهزيمة نكراء في عام 1340م ضد ملك قشتالة في معركة “ريو سالادو” قرب مدينة طريف.
  • إستطاع بسط سيطرته على أفريقية عام 1350م، وبذلك استعاد شمال أفريقيا وحدته المفقودة منذ قرن من الزمن.
  • إنقلب عليه إبنه أبو عنان، فكان هذا الإنقلاب من نوعه خلال حكم المرينيين بداية من الانقلابات التي استمرت قرنا من الزمن.

مرحلة الانهيار

بعد السلطان الخافت (أبو عنان 1351-1358) وحتى لحظة إنقراض الحكم المريني في عام 1465م، عاشت الدولة المرينية قرنا من الإضطرابات في ممارسة السلطة:

العوامل الداخلية

  • الصراع على العرش بين الامراء المرينيين.
  • ضعف شخصية السلاطين وعدم أهليتهم لتحمل مسؤولية البلاد والعباد.
  • استبداد الوزراء وكبار رجال الدولة وفسادهم.
  • اعتماد بعض السلاطين المرينيين للعنصر اليهودي لتسيير شؤون المسلمين.
  • ثورة فاس التي أطاحت باليهود والسلطان عبد الحق المريني.

العوامل الخارجية

– الحرب ضد الحفصيين في تونس وبني عبد الواد في الجزائر التي كلفت الخزينة المرينية أموالا   باهضه بدون فائدة.
– التدخل المسيحي في شؤون الدولة المغربية وخاصة اسبانيا والبرتغال.

    خلف انهيار الدولة المرينية ارثا حضاريا علميا وفكريا وثقافيا غنيا لا تزال بعض معالمه شاهدة عليه الى يومنا هذا، وكما هو الحال في كل زمان ومكان تغيب فيه السلطة المركزية تنبثق قوى سياسية محلية تسعى جاهدتا لبسط سلطتها، كما فعل بنو مرين للموحدين وكما فعل أيضا بنو وطاس لبنو مرين اللذين استغلوا مجموعة من الظروف والعوامل التي تجري لصالحهم ليسحبوا بساط السلطة والحكم من تحت ارجل المرينين…  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى