تاريخ مختصر للنوع البشري | تاريخ الإنسان
منذ القديم والإنسان يعتقد أنه هو الكائن الوحيد الذي ليس له نسب مشترك ، أي محروم من الاخوة وأبناء العمومة ، خاصة وأنه هو الوحيد الذي استطاع الاستمرار وامتلاك القوة والسيطرة على الطبيعة . يصنف العلماء الكائنات على كونها من نوع واحد من خلال القدرة على التزاوج والانجاب وقدرة أبنائهم على الانجاب أيضا ، فمثلا تزاوج بين كلب الصيد مع كلب الحراصة سيؤدي إلى انجاب كلاب مشتركة ، وهذه الكلاب ستكون قادرة على التزاوج والانجاب أيضا .
في حين تزاوج بين الحمار والحصان سيؤدي إلى انجاب أبناء “البغل” ولكن لن يكون هؤلاء الأبناء قادرين على الانجاب ، ونقول أن الكائن ينتمي إلى نفس الجنس عندما يكون لهم تقارب من ناحية الحمض النووي مثل الحمير والحصان أو “البنترة” ( الأسود ، والنمور ، الفهود ، والقطط ) وهذا يؤدي مباشرة إلى كون هذه الحيوانات كان لها نسب مشترك قبل حوالي مليون ونصف سنة .
الجنس البشري وأنواعه
وبالنسبة للإنسان فهو الأخر ينتمي لجنس الهومو ونوع سبيان أي الانسان العاقل والذي ظهر منذ حوالي 100 ألف سنة من الحاضر ، وقد جاء نسبه من قردة الجنوب التي كانت في افريقيا في حوالي مليوني ونصف سنة من الحاضر ، وقد انتقلت هذه القردة إلى عموم العالم فتطورت حسب البيئة التي وجدت فيها ، فمثلا في غرب آسيا وأروبا وجد هومو نياندرتال وكانوا متكيفين مع البرد ، في حين وجد نوع أخر في شرق آسيا فكانوا تحت اسم الانسان المنتصب والذي كان قادرا على الوقوف والانتصاب وقد عمّر تلك المنطقة منذ حوال مليوني سنة ، وكان نوع أخر في احدى جزر اندنيسيا كان اسمه انسان وادي سولو وكان قادرا على التكيف مع المناخ الاستوائي ، وكان نوع أخر في جزيرة فلوريس وكانوا أقزاما لكونهم استقروا في تلك المنطقة قبل ارتفاع البحر والذي أدى إلى موت كبار الحجم الذين يحتاجون إلى غداء أكبر .
كل هذه الأنواع تنتمي إلى جنس الانسان لكنها تختلف من ناحية النوعية ، فكلها كان دماغها يتراوح حوالي 600 سنتيمتر مكعب في حين الحيوانات التي كانت قريبة من حجم الانسان ووزنه لم يكن دماغها يتجاوز 200 سنتمتر مكعب ، فالأدمغة الكبيرة مرهقة وتستهلك كمية كبيرة من الطاقة ، فعقل الانسان العاقل والذي يبلغ حاليا 1200 سنتمتر مكعب يمثل حوالي 2 في المئة أو 3 في المئة يستهلك حوالي 25 في مئة من طاقة الجسم في حالة الراحة وهي نسبة كبيرة جدا ، وهذه الهبة لم تكن في صالح الانسان العاقل في الأزمنة الغابرة ، حيث كانت القوة الجسدية هي التي تظهر مدى قدرتك على الاستمرار في العيش ، والعلماء لحد الآن ليس لهم أي تفسير محدد يجيب على سؤال لماذا البشر تطورت أدمغتهم عن الكائنات الأخرى وضعفت أجسادهم .
كيف اختفت الأنواع الأخرى من البشر ؟
فمنذ حوالي 70 ألف سنة انتقل الانسان العاقل إلى شبه الجزيرة العربية ثم إلى جميع أنحاء العالم ، وهنا تبدأ القصة فهناك نظرية تقول أن الانسان العاقل استطاع التزاوج مع الأنواع الأخرى من البشر وهذا أدى إلى الاختلاط ، أي أن سكان أروبا مثلا هم مزيج بين الانسان نيانرتال والانسان العاقل ، واليابنين والصنيين هم مزيج بين الانسان المنتصب والعاقل ، لكن هذه النظرية طعن فيها فمن جهة هي تعاكس الخطاب السياسي في عالمنا اليوم ، فهذا يعزز نظريات العنصريين والتميز ، ومن جهة أخرى فعملية التزاوج بين نوعين مختلفين من جنس مشترك قد يؤدي إلى الانجاب لكن أبنائهم لن يكونوا قادرين على الاستمرار بسبب العقم .
والنظرية الثانية تقول أنه تم الاستبدال أي أن البشر الحاليين أو الانسان العاقل أباد البشر الأخرين من الأنواع المختلفة ، وتأتي هذه النظرية بنظرة منطقية لحد ما ، فالإنسان لحد الآن قادر على ابادة أخيه الانسان فقط لكونه لا يؤمن بمعتقده أو لا يشبه لون بشرته ….
فالإنسان العاقل أينما وصل أبيدت الأنواع الأخرى من البشر فالنياندرتال اختفى منذ حوالي 30 ألف سنة والأقزام كانوا أخر من اختفى منذ حوالي 15 ألف سنة وقد تركوا بعض جيناتهم في حمضنا النووي وعضامهم التي يجدها العلماء وبعض الأدوات التي كانوا يستعملونها .
أحال العلماء سبب استمرار الانسان العاقل وابادة الأنواع الأخرى إلى امتلاك الانسان العاقل للغة عكس نيادرتال الذي كان دماغه أكبر ذكائه أفضل من ذكاء الانسان العاقل .
كيف أصبح الإنسان بهيئته الحالية ؟
اختار الانسان البدائي السير بطريقة منتصبة عوض استعمال أربعة قوائم ، بسبب ملاحظتهم أن استعمال اليدين في أعمال أخرى له فوائد كبيرة على استعمالهم في المشي ، وهذا كانت له تداعيات كثيرة ، فقد تطور العمود الفقري ليصبح قائما ودفعت على ذلك النساء ثمنا غاليا ، حيث أصبحت مخاطر الولادة كبيرة بسبب تضيق قناة الولادة اثر نزول الوركين ، وهذا أدى بدوره إلى انجاب الأطفال قبل اكتمال نموهم ، فصغير الأسود يولد وهو قادر على الاعتماد على نفسه نسبيا وكذلك المهر والجرو وغيرها من الحيوانات ، في حين الانسان يولد ضعيفا ولا يكون قادرا على الاعتماد على نفسه ، وهذا جعل الأم تضطر إلى الاعتناء به ، وبالتالي سوف تتغير مهام أنثى البشر وفي نفس الوقت أصبح البشر قادرا على توجيه الطفل حسب ارادة الأم أو الأسرة .
معاناة الإنسان البدائي
ورغم أدمغتهم الكبيرة قد احتل البشر في القديم منتصف السلسلة الغذائية ، وكان في الأعلى الكائنات المفترسة والتي تمتلك مخالب قوية وأسنان فتاكة ، في حين أن البشر رغم امتلاكه أياد وآلات صنعوها بقوة ذكائهم إلا أنه كان يعيش على الالتقاط وأكل فرائس نيئة اصطادتها كائنات أخرى أو يأكلون الحشرات ، لكن بعد ظهور الانسان العاقل أصبح الانسان في قمة الهرم في السلسلة الغذائية ، وهذا كانت له عوائد كارثية ففي حين أن الأسود أو القرش قد كانوا في قمة الهرم إلا أن تطورهم بتلك الصفة كان بشكل بطيء مما جعل النظام البيئي يضع ثوابت تنظم حياته ، أما الانسان سرعة تطوره وتطويره لمحيطه وحياته جعله يخترق الطبيعة ويصبح ظاهرة كارثية قد تؤدي إلى دمار الكوكب بشكل كامل .
فقد استطاع الانسان القائم والعاقل ونياندرتال تدجين النار واستعمالها في الطهي والحماية ، فالنار قامت بتغير النظام الغذائي للإنسان مما أدى إلى تقليص حجم الأمعاء والتي من المستحيل أن تبقى كبيرة مع دماغ كبير في جسم واحد ، فكليهما يستهلكان كمية كبيرة من الطاقة ، كما ساعدة النار في تسريع عملية هضم الأكل وسرعة تناوله ، فقرد شمبانزي مثلا يحتاج إلى خمس ساعات في الأكل والمضغ ، في حين الانسان لا يستغرق حتى ساعة في تناول الوجبة ، ورغم اكتشاف النار في حاولي 150 ألف سنة والتي كانت اكتشافا عظيما حيث كان بمقدور طفل أن يحرق غابة بكاملها ، إلا أن الانسان كان مهمشا وضعيفا في الطبيعة .