الدولة الموحدية من التأسيس إلى الأفول

تأسست الحركة الموحدية على يد محمد بن تومرت الهرغي ، نسبة إلى هرغة إحدى قبائل مصمودة الجبلية ، بعد عودته من بغداد استغل تشرذم الدولة المرابطية  و انشغلھا بالقلاقل في الأندلس، فقام بن تومرت بالدعوة إلى الأمر بالمعروف والنھي عن المنكر، والدعوة إلى التوحيد الحقيقي، فتم طرده من إلى الجزائر فأسس مسجدا، وبدأ بھا الدعوة وتكوين فقھاء موحدين، وھناك التقى بعبد المؤمن  واستمرا بھذه القریة إلى حین توفر جو مناسب للدعوة بالمغرب، فكانت الدعوة التي لقت نجاحا وتمكنا من دخول مراكش في 541 ھ.

ويرجح نجاح الحركة الموحدية إلى اعتمادها على العصبية القبلية للقبائل مصمودة والمذهب التومرتي .

دور ابن تومرت في تنظيم الحركة الموحدية

من الناحية الدينية : اتخذت حركة ابن تومرت في بدايتها صفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ويعتبر التوحيد من المبادئ الأساسية لابن تومرت ، أي أتباث أن الله واحد …ومن هنا اشتقت الدعوة الموحدية تسميتها .

واقتبس ابن تومرت من الأفكار الشيعية مفهوم المهدي والامام المعصوم . فادعى النسب الشريف وأنه المهدي المنتظر والامام المعصوم من الخطأ. أما في موضوع العقيدة فهو تأويلي، حيث أخد من الشيعة فكرة المهداوية والعصمة ، و أخد من الأشاعرة السنيين أكثر من غيرهم وخاصة في تفسير الآيات المتشابهات ، كما اعتمد على المعتزلة في اثبات وحدة الذات والصفات الإلهية.

من الناحية التنظيمية : انشأ ابن تومرت مؤسسات سياسية لقيادة الحركة الموحدية الناشئة مستمدا أنواعها وتسميتها من السيرة النبوية . منها مجلس العشرة : على غرار صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم العشرة، وهم اقرب الأنصار إليه والسابقون إلى دعوته منهم :عبد المومن الكومي ، وأبو حفص الهنتاني … ثم مجلس الخمسين والذي ضم رؤساء الخمسين .

قبيلة التي كانت سباقة لمساندة الحركة الناشئة وهو مجلس ذو طابع استشاري ثم هناك جماعة الطلبة أي دعاة الحركة .

من الناحية العسكرية : بدأت المواجهة المسلحة بين أتباع ابن تومرت والجيش المرابطي سنة ) 1123 م ( بعد ان استقر المهدي في تنميل . وفي سنة ) 1130 ( سارعت الجموع العسكرية الموحدية إلى النزول نحو سهل الحوز الحالي بغية دخول مراكش عاصمة المرابطين ، وثم حصار المدينة 40 يوما. إلا ان الإمدادات المرابطية تمكنت من ذلك الحصار وإلحاق الهزيمة بالقوات الموحدية في معركة البحيرة .وفي هذه الظروف التي انطلقت فيها الاستعدادات العسكرية الموحدية من جديد ، توفي ابن تومرت سنة 1130 فاجتمع مجلس العشرة  واختاروا عبد المومن بن علي الكومي خليفة للمهدي .

مراحل تأسيس الدولة الموحدية

•تتحدد مراحل قيام الدولة الموحدية في خطوطها الكبرى كما يلي :

المرحلة الأولى : النشاط الدعائي ضد المرابطين و إقامة أجهزة سياسية 515-524 ( 1121-1129)

المرحلة الثانية : ويمثله عهد محمد المهدي ابن تومرت ، والذي واصل نشاطه في نفس المضمار خلفه عبد المومن بن علي 524-534 ( 1129-1139 ) .

الثالثة : فتح المغرب كامل على يد عبد المومن

الرابعة : فتح الأندلس 540-550 ( 1145-1160)

الخامسة : تفتح المغرب الأوسط 546/1151

الأخيرة : فتح افريقية 546-555 ( 1151-1160)

استنتاج

•انطلقت الدولة الموحدية من تنمل بعد مبايعة قبائل مصمودة الأمازيغية لمحمد بت تومرت سنة 518هـ – 1125 م و هنا مرحلة التأسيس.

•ما مرحلة الأوج والامتداد لتاريخ الدولة الموحدية ارتبطت بكل من عبد المؤمن – يوسف عبد المؤمن – يعقوب المنصور – و محمد الناصر ما بين ) 524 هـ / 1130 م – 609 هـ / 1212 م ( و تميزت بفتح المغرب الأقصى و الأوسط و افريقية و الأندلس و انتصار على المسحيين في معركة الأراك سنة 591 هـ / 1194 م ( و كان من نتائجها عرقلة حركة الاسترداد المسيحية، وإكساب الموحدين شهرة كبيرة .

•فيرجع الفضل إلى عبد المومن بن علي الكومي في تأسيس الدولة   و ترسيخ مجالها ، ثم القضاء على المرابطين  و اتخاذ لقب أمير المومنين الذي يعني القطيعة مع العباسيين

•ثم مرحلة الضعف و سقوط الدولة الموحدية 668 هـ / 1269 م و من أهم الأسباب ضعف الخلفاء الذين تعاقبوا بعد وفاة محمد الناصر فضال عن الفتن الداخلية التي من جهة أنهكت الدولة و من جهة أخرى هيأت الظروف الاستقلال بعض المنطق كإفريقية و الأندلس و المغرب الأوسط بإضافة إلى هزيمة الموحديين في معركة العقاب في الأندلس و انطلاق حروب الاسترداد .

التنظيم الإداري

•الموحدين اهتموا بتكوين الولاة قبل التعيين حيث أقاموا بمراكش مؤسسة لتكوين الأطر . وعلاوة على هذا ، فإن المنظومة الموحدية تقوم على التراتب و المراقبة وتوزيع المهام بحيث كان هنالك مسؤول جهوي عن المالية يسمى صاحب الشغال أو العامل وتتلخص مهامه في استخلاص المستحقات وأداء الرواتب وصيانة المباني مع تموين الأجناد وصيانة الطرق . و بالإضافة إلى العامل والوالي ، هنالك صاحب الشرطة المسؤول عن الأمن وحفظ النظام .

أما المهام الدينية فراجعة لأهلها ويشترط فيهم إتقان اللغتين العربية و الأمازيغية معا .5 والفئة الحاكمة تتكون من بني عبد المومن كأسرة أميرية ومن مجموع القبائل الموحدية ( هرغة ، هنتاتة ، تنمل …) فالأمراء يحملون لقب السادة بينما يختص رؤساء هذه القبائل بلقب الأشياخ .

التنظيم العسكري

•كان جيش الموحدون يتألف من عناصر عديدة :

  • الموحدون أنفسهم ، وهم يكونون سبع قبائل . وكانوا ينقسمون إلى طبقتين احدهما طبقة المرتزقة الذين يكونون عادة بمراكش ، وطبقة العموم وهم الذين يدعون للقتال عند النفير العام .
  • العرب و يتكونون من القبائل المرحلة من إفريقية في عهد المنصور بالإضافة إلى عرب الأندلس .
  • الغز وقد قدموا في عهد المنصور أيضا .
  • الموحدون أنفسهم ، وهم يكونون سبع قبائل . وكانوا ينقسمون إلى طبقتين احدهما طبقة المرتزقة الذين يكونون عادة بمراكش ، وطبقة العموم وهم الذين يدعون للقتال عند النفير العام .
  • الروم ومعظمهم انضافوا إلى جيش المامون وكان عددهم يبلغ اثني عشر مقاتل .
  • السودان الذين استخدمهم المرابطون فيما قبل ، أو استجلبوا شراء .

•وتتركب طبقات الجند كما يلي :

  • الأشياخ الكبار من الموحدين ، وهم بقايا أتباع المهدي
  • الأشياخ الصغار
  • الوقافون وهم الحرس الملكي الذين يقطنون بالقصبة . وفيهم وقافون كبار و صغار والجميع يقف بين يدي السلطان أثناء استقبالاته
  • عامة الجند
  • الجند من قبائل العرب
  • الصبيان ، وهم جماعة من الشباب ويعملون في خدمة السلطان
  • جند الأفرنج الذين يدعون بالعلوج وهم موضع ثقة السلطان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى