الإمبراطورية الرومانية من البداية إلى النهاية | امبراطورية الشر أم الخير
الإمبراطورية الرومانية هي أحد أعظم الحضارات التي مرت على وجه التاريخ ، فوجودها غير شكل العالم للأبد وتأثيرها ما زال واضحا لحد هذه اللحظة ولولاها لما وجد كيان الغرب ، لذلك ففهم تاريخ الإمبراطورية الرومانية هو أمر مهم جدا لنفهم الواقع الذي نعيش فيه .
يعتقد أن مصدر اسم مدينة روما يرجع إلى اسم مؤسسها الأول رومولوس ، ويقال أن رومولوس كان له أخ اسمه ريموس ، حيث كانوا أبناء إله الحرب مارس وقد أرضعتهم ذئبة وقامت بتربيتهم بعد الاستغناء عنهما وقررا بناء المدينة ، اختلف الإخوان حول المدينة ليقتل ريموس أخاه رومولوس ، ويتم تسمية المدينة تيمنا به روما . سأشير أن كل ما ذكرته هو فقط أسطورة ولا يمكن استعماله على أي حال من الأحوال كدليل تاريخي ، رومولوس هو أول ملوك روما وفقا للتقاليد ، هو من ابتكار المؤرخين القدماء في وقت لاحق ، حيث تم تصميم اسمه الذي ليس حتى دينيا لشرح اسم روما ، وكان عهد حكمه الوهمي مليئا بالأفعال الأسطورية المتوقعة من ابن إلى حرب.
تضيف الأسطورة بأنه كان هناك ستة ملوك من بعده خلفوه ، ولكن لا يعرف سوى القليل من التفاصيل الموثوقة عن فترة حكمهم ، لذلك فتلك الفترة غامضة ولا يوجد تاريخ محدد لها ، ما هو معروف هو أنه خلال القرن السادس قبل الميلاد بدأت روما بالازدهار والتحول من قرية صغيرة إلى مدينة تجارية مهمة في المنطقة .
للتوسع أكثر في كيفية تأسست الإمبراطورية الرومانية اضغط هنا
الأسباب التي ستقود مدينة روما لتصبح مزدهرة
الإجابة تقع في شمال روما حيث وجدت حضارة الإتروسكن وقد كانوا عبارة عن ولايات مستقلة مرتبطة ببعضهم البعض عن طريق الدين واللغة والثقافة ، وبالنسبة للغتهم فقد كانت تختلف عن أي لغة محيطة بهم فقد كانت تكتب من اليمين إلى اليسار ، لذلك فإن أصلهم يظل غامضا على العموم.
كان الإتروسكن حلفاء القرطاجيين وذلك للدفاع عن مصالحهم التجارية البحرية من الخطر الإغريقي ، كانت تكتيكاتهم الحربية شبيهة مبدئيا بالتكتيكات والأساليب الإغريقية ، خلال القرن السابع والسادس قبل الميلاد وبفضل التبادل التجاري بدأ سكان الإتروسكن بتوسيع مجال هيمنتهم في شبه الجزيرة الإيطالية ، وقد هيمنوا على الأراضي اللاتينية ومن هنا بدأت قصة روما.
فعلى الأرجح قد حكمهم أحد النبلاء من الإتروسكن وبدأ يطور فيها ، وقد أثبتت الحفريات التاريخية أن أول البنى التحتية في روما خاصة المجاري والطرق قد بناها الإتروسكن ، لذلك فإن الثقافة والمعمار الروماني كان متأثرا بأسلوب الإتروسكن في البناء وأيضا بثقافتهم ، السبب الذي يجعل هذه الحضارة لا تذكر إلا نادرا هي أنه حينما قام الرومان بالهيمنة عليهم قاموا بتدمير ثقافتهم وأجبروهم أن يصبحوا تقنيين بالقوة.
كما أن المؤرخين الرومان تعمدوا التقليل من قيمتهم في كتبهم وأحيانا يتجاهلون وجودهم تماما ، معظم الدلائل على وجود هذه الحضارة هي دلائل الأركيولوجية التي بدأت بالظهور في القرن التاسع عشر حينما تم إعادة اكتشاف هذه الحضارة .
نظام الحكم عند الرومان
صور المؤرخون القدامى ملوك روما الستة الأوائل على أنهم حكام طيبون وعادلين ، ولكن الأخرهم كان طاغية قاسي واضطهد عامة الناس بالأشغال الإجبارية حيث سار الرومان ضده واستبدلوه بما يسمى بالماجستريشس ولاحقا القنصل ، وكان مجلس الشيوخ الروماني ينتخب قنصلا كل عام ، والهدف من هذا النظام هو ألا يقوم القنصل بالاستبداد بقوته بدون حسيب.
نمت الدولة الرومانية في الحجم والقوة خلال فترة الجمهورية المبكرة ، وتم إنشاء مؤسسات جديدة لمواكبة الاحتياجات العسكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية المتغيرة للدولة وسكانها ، ولكن كل هذه التغيرات والابتكارات أنتجت صراعات سياسية بين الطبقتين الأرستقراطيين والعامة ، الأرستقراطيين هم أحفاد المؤسسين الأوائل لروما وقد تمتعوا بحق التصويت وامتيازات عديدة ، والعامة ليسوا من أحفاد مؤسسي روما.
في الجانب السياسي فعلى الرغم من المزايا التي يوفرها النظام القنصلي ، إلا أن الرومان أدركوا أن هذا النظام لن يكون نافعا في زمن الحروب حينما تكون الدولة في حاجة إلى الوحدة بين مكوناتها ، كان الحل لهذه المشاكل هو تعيين ديكتاتور بدلا من القنصل ، حيث يشغل هذا الديكتاتور القيادة العسكرية للدولة لمدة لا تزيد عن ستة أشهر ، كما أطلق عليه لقب رئيس الجيش ماجستير توبول ، وأيضا كان يعين قائدا للخيالة معه
ظهور الرومان كقوة
عند نهاية القرن الخامس قبل الميلاد كانت روما واللاتينيين يتعرضون لهجمات شرسة من قبائل بوسكي ، وهذا بسبب موقع روما الاستراتيجي والطرق التجارية الغنية فيها ، في ظل هذا الوضع المشحون على خط الجبهة فقد فرض على الرومان أن يكونوا مجتمعا عسكريا ، بدأ الرومان في التوسع شمالا على حساب أسيادهم القدماء الإتروسكن ، للسيطرة على هذه المعاقل فتح جنوب التروس على مصراعيه أمام الرومان ؛ وفي عام 403 قبل الميلاد بدأت روما بدفع الأجور للجيش بدل النظام الذي كان يعتمد على اقتسام الغنائم سابقا.
وفي عام أربعمائة وثلاث قبل الميلاد زاد عدد الخيالة في الجيش الروماني ، ولكن قبل أن تصبح روما بالقوة الكافية ، اجتاحت قبيلة من برابرة القوط شمال إيطاليا وداهمت الإتروسكن ونزلت على روما حيث هزمت الرومان في عام 390 قبل الميلاد ، استولى القوط على المدينة ونهبوها ولم يغادروا إلا بعد أن أخذوا فدية من الذهب.
من الان فصاعدا بدأ الرومان يخافون ويكرهون القوط وهذا الكره تم توارثه أبا عن جد ، وهذا ما يفسر الحملات العنيفة والدموية للرومان ضد القوط ، بعد قرون من هذه الأحداث تطلب الرومان أربعين سنة للعودة للقوة التي كانوا عليها قبل الاجتياح .
بداية توحيد الرومان للقبائل اللاتينية
بدأ الرومان حملتهم في وسط إيطاليا ضد قبائل “é’é’& أثبتت كل من التضاريس الوعرة وجنود ‘(‘”é(‘ تحديا كبيرا للرومان الذين لم يكونوا مستعدين للحروب في الجبال والهضاب ، مما اضطرهم لابتكار تكتيكات جديدة لتلائم هذا النوع من المعارك ، فقاموا بالتخلي عن الأسلوب الإغريقي للقتال وبدأوا باستعمال أسلوب الوحدات القتالية الذي يمكن أن تنفصل عن بعضها البعض وتدور حول الجبال الوعرة بعد ذلك تجتمع وتكون جيشا واحدا.
كانت الخبرات التي استفاد منها الرومان من هذه المعارك مهمة جدا في غزو البحر الأبيض المتوسط بعد ذلك ، خلال هذه الفترة أنشأ الرومان أول طريق يربط بين مدينتين ، وأيضا قامت بإكمال توسع نحو أراضي الإتروسكن في الشمال ، وفي النهاية قامت بإخضاع والانتصار عليهم. بقي لروما فقط إخضاع الجنوب من أجل تحقيق الهيمنة على إيطاليا بالكامل ، وفي تلك الفترة خافت المدن الإيطالية الجنوبية من الهيمنة الرومانية وطلبت الدعم من الإغريق ، وقد استجاب لهذا النداء بيروس وهو ملك دولة فارس غرب اليونان ، ولن أتطرق لما حصل بالتفصيل ولكن باختصار ما حدث وقت اشتبك بيروس مع الرومان في معركتين وهزمهم بصعوبة شديدة فقط لأنه استعمل الفيلة التي استأجرها من مصر ، ورغم أنه انتصر فإن الخسائر التي تكبدها منعته من السيطرة على روما ، وأيضا فقد ذهب لجزيرة صقلية وهزم القرطاجيين هناك ، ولكن سكان الجزيرة رفضوا الانصياع له وبالتالي عاد أدراجه لليونان خالي الوفاض تاركا روما تفعل ما تشاء في شبه الجزيرة الإيطالية.
بروز قوة الرومان
بعد نهاية الخطر القادم من الشرق قام القرطاجيين والرومان بعمل اتفاقية ومختصر هذه الاتفاقية هي أن القرطاجيين اعترفوا بسيادة روما على شبه الجزيرة الإيطالية ووعدوا بأنهم لن يتدخلوا في شؤونها ، في المقابل اعترفت روما بسيادة القرطاجيين على صقلية ، بطبيعة الحال هذا السلام لم يدم طويلا فقد استمر فقط الإحدى عشر سنة ، ففي سنة 275 قبل الميلاد اندلعت الحرب البونيقية الأولى ، ما جرى في هذه الحروب باختصار كالتالي فقد انتهت أول حربين بونيقيتين بسيطرة روما الكاملة على صقلية وغرب البحر الأبيض المتوسط ومعظم إسبانيا.
وفي الحرب البونيقية الثالثة استولى الرومان على مدينة قرطاج ودمروها وباعوا سكانها الباقيين كعبيد ، مما جعل جزءا من شمال إفريقيا مقاطعة رومانية ، في الوقت نفسه قامت روما أيضا بتوسيع نفوذها شرقا وهزمت الملك فيليب الخامس ملك مقدونيا في الحرب المقدونية وحولوا مملكته إلى مقاطعة رومانية أخرى .
التطور الثقافي في الإمبراطورية الرومانية
أدت الفتوحات العسكرية لروما إلى تطورها الثقافي كمجتمع ، حيث استفاد الرومان بشكل كبير من الاتصال بالثقافات المتقدمة مثل الإغريق حيث ظهرت أول أعمال أدبية الرومانية في حوالي عام مائتين وأربعين قبل الميلاد ، كما وتم ترجمة العديد من الأعمال الكلاسيكية من الإغريقية إلى اللاتينية حيث تبنى الرومان النمط الإغريقي في الفن والفلسفة والدين .
الفوضى تجتاح الإمبراطورية الرومانية
بدأت المؤسسة السياسية في روما في الانهيار تحت وطأة الإمبراطورية المتنامية إيذانا بعصر من الاضطرابات الداخلية والعنف ، حيث اتسعت الفجوة بين الأغنياء والفقراء خلال هذه العقود نشأت تهديدات خطيرة لإيطاليا في الشمال ابتداء من عام 125 قبل الميلاد ، حارب العديد من القادة الرومان ضد القبائل القوطية في جنوب فرنسا حاليا من أجل بناء طريق يربط بين إيطاليا وإسبانيا ، والذي كان الأول من نوعه في التاريخ ، ولكن هذا التوسع جعل خط المواجهة مع قبائل القوط واسعا ما زاد من خطر الاجتياح ، هنا سيظهر نجم صاعد في الإمبراطورية الرومانية وهو يوليوس قيصر ، والذي بفضل حملته الناجحة لتوسيع نفوذ روما في إسبانيا تم إعطاؤه منصب قائد على ثلاث ولايات مهمة جنوب البلاد .
وفي عام 58 قبل الميلاد ولضمان عدم معارضة مجلس الشيوخ لمشاريعه فقد قام يوليوس قيصر بالتحالف مع بومبي ، وهو جنرال ورجل دولة من عائلة معروفة وأيضا èç_-è( وهو الجنرال الذي استطاع القضاء على ثورة سبارتاكوس للعبيد عشرين سنة قبل هذه الأحداث ، ولضمان ولائه فقد زوج يوليوس ابنته يوليا إلى بومبي ، بعد ذلك اتجه في مغامرة استغرقت سنوات طويلة من أجل غزو بلاد القوط والقضاء على تهديدهم إلى الأبد أو على الأقل هذا ما ظنه ، خلال غيابه ماتت ابنته يوليا كما أن الجنرال كراوس مات في معركة حينما كان يقاتل ضد الفرس ، انتهى التحالف الثلاثي وأعلن بومبي نفسه القنصل الوحيد لروما في سنة 53 قبل الميلاد ، وفي عام 49 عاد يوليوس إلى الأراضي الرومانية ودخل بجيشه إلى إيطاليا مشعلا بهذا حربا أهلية.
وكي لا أطيل كثيرا قد انتصر يوليوس في هذه الحرب في سنة 45 قبل الميلاد وتم إعلانه دكتاتورا مدى الحياة ، وهو منصب لم يحظ به أحد من قبله وتم تسميته يوليوس قيصر بعد أقل من عام ، في 15 مارس في عام 44 قبل الميلاد قتل يوليوس قيصر طعنا على يد مجموعة من أعدائه في مجلس الشيوخ منهيا فترة حكمه .
الصراع على الحكم
بعد موت يوليوس قيصر تحالف أوكتافيان وهو من عائلة يوليوس مع رجل الدولة ماركوس أنطونيوس من أجل الانتقام لمقتل يوليوس قيصر ، وقد تمكنوا من ذلك . وبعد ذلك اقتسموا حكم روما مع بعضهم البعض ، حيث حكم أوكتافيان الجزء الغربي للإمبراطورية ، بينما حكم ماركوس أنطونيوس الجزء الشرقي ، لم يدم هذا التحالف طويلا ففي عام ستة وثلاثين قبل الميلاد انطلقت الحرب الأهلية بينهما ، وقد انتصر أوكتافيان على قوات أنطونيوس والملكة كليوباترا في مصر في معركة حاسمة ، وفي أعقاب هذه الهزيمة المدمرة انتحر أنطونيوس وكليوباترا ، بحلول عام تسعة وعشرين قبل الميلاد كان أوكتافيان القائد الواحد لروما .
ولتجنب مواجهة نفس المصير الذي واجه يوليوس فقد جعل حكمه مطلقا وجعل دور مجلس الشيوخ استشاري فقط ، وفي عام سبعة وعشرين قبل الميلاد تم تلقيبه ب أغسطس ومثلما نسميه أغسطس قيصر حيث تم تسمية الشهر الثامن في العام تيمنا به ، وأصبح أول إمبراطور لروما ، هنا تنتهي قصة الجمهورية الرومانية وتبدأ قصة الإمبراطورية .
بداية الرومان كإمبراطورية
أعاد حكم أغسطس الروح المعنوية إلى روما بعد قرون من الصراع والفساد ، وأقام العديد من الإصلاحات الاجتماعية وحقق العديد من الانتصارات العسكرية ، حكم أغسطس لمدة ستة وخمسين عاما وقد ساهمت فترة حكمه ببدء العصر الذهبي للإمبراطورية الرومانية واستمر ذلك لقرنان من الازدهار والرخاء ، بعد أغسطس تولى تيبيريوس الذي لم يحظى بشعبية كبيرة وعرف بالمتعطش للدماء ، وبعده تولى كلاوديو الذي وسع نفوذ روما ليصل لبريطانيا.
انتهى العصر الذهبي مع الإمبراطور المشهور نيرون الذي استنزف الخزينة الرومانية وقد انتحر في نهاية المطاف ، بعد نيرون واجهت روما سنوات عصيبة حكمها أربعة أباطرة فشلوا في إيجاد حل لهذه المشاكل ، وفي عام ستة وتسعين ميلادية بدأ عهد الإمبراطور نيرو والذي رغم أنه لم يحكم طويلا إلا أنه استطاع بدء عصر ذهبي أخر في التاريخ الروماني.
حكم بعد أربعة أباطرة خلف بعضهم البعض بأسلوب مسالم وبدون توريث ، توسعت حدود روما إلى أقصى حد لها في التاريخ بانتصاراته على قبائل داسيا والفر ؛ وعزز خليفته هادريان حدود الإمبراطورية واشتهر ببناء جدار هادريان في بريطانيا والذي هو جدار قام به الرومان من أجل منع جيوش البرابرة البريطانيين من اجتياح مناطق نفوذهم ، وهو أعجوبة هندسية ما زالت بعض أجزائه موجودة لحد وقتنا المعاصر ، بعد ذلك خلفه أنطونيوس بيوس حيث استمرت روما في السلام والازدهار .
نهاية العصر الذهبي
ولكن حكم ماركوس أوريليوس كان مليئا بالصراعات ، بما في ذلك الحروب ضد القبائل الجرمانية في الشمال ورغم أنه كان إمبراطورا فقد أمضى معظم حياته في الخيام يجوب بجيشه في أطراف الإمبراطورية مدافعا عنها ، وخلال هذه الأوقات العصيبة قام بعمل الكثير من كتابات الفلسفية والتي جمعت في الكتاب المعروف تأملات ماركوس أوريليوس حيث لقب بالإمبراطور الفيلسوف عندما مرض أوريليوس ومات بالقرب من ساحة المعركة ، كسر تقليد الخلافة غير الوراثية وعين ابنه كومودو البالغ من العمر تسعة عشر عاما خلفا له .
وأدى الانحلال وعدم كفاءة كومودو إلى نهاية مخيبة للأمال للعصر الذهبي الأباطرة الرومان ، أشعل موته على يد وزرائه إلى فترة أخرى من الحروب الأهلية ، بعده تولى العرش ما مجموعه إثنين وعشرين إمبراطورا ، واجه العديد منهم نهايات عنيفة على أيدي نفس الجنود الذين دفعوهم للسلطة ، في هذه الأثناء استنزفت الحروب الخارجية والداخلية خزينة الدولة ، بما في ذلك العدوان المستمر من القبائل الجرمانية والفرس.
الاختراعات والابتكارات التي تمت في عهد الإمبراطورية الرومانية
فقد كانت الابتكارات المعمارية والهندسية الرومانية تأثير دائم على العالم الحديث ، حيث تم تطوير الأقواس القنوات المائية الرومانية لأول مرة في عام 312 قبل الميلاد ، مما مكن من إيصال المياه العذبة إلى المدن عن طريق نقل المياه بواسطتها ، وقد نقلت بعض هذه القنوات الرومانية المياه لمسافة تصل لتسعين كيلومتر من مصدرها.
ويعتبر أيضا الإسمنت الروماني جزءا من الأسباب التي جعلت المباني القديمة مثل الكولوسيوم ما زال واقفا إلى هذه اللحظة ، وقد ساعدتهم هذه التقنيات من أجل صناعة أقواس تدعم وزن الجسور والمباني وتوزيع الوزن بالتساوي في جميع أنحاء المبنى ، ويوجد الكثير من الأمثلة في العالم الإسلامي عن تأثر بالمعلم الروماني واستعماله في بناء المساجد والجسور وغيرها من المباني.
عودة السلام واعلان المسيحية كديانة الإمبراطورية الرومانية
عاد عهد السلام والازدهار مؤقتا إلى روما ولكن بتكلفة عالية ، فقد قسم حكم روما لأربعة أقسام إلى أن ظهر بعد ذلك قسطنطين واسمه الكامل هو فلافيوس فاليريو قسطنطين ، وأصبح الإمبراطور الوحيد لروما الموحدة عام ثلاثمئة وأربعة وعشرين ، ونقل العاصمة الرومانية إلى مدينة بيزنطة اليونانية والتي أطلق عليها اسم القسطنطينية ، وفي عام ثلاثمائة وخمسة وعشرين ميلادية جعل قسطنطين المسيحية الديانة الرسمية لروما ويعتبره المسيحيون قديسا ويحتفلون به .
بداية تفكك الإمبراطورية الرومانية
الوحدة الرومانية في عهد قسطنطين كانت فقط وهمية ، وبعد ثلاثين عاما من وفاته انقسمت الإمبراطورية الشرقية والغربية مرة أخرى.
فالجانب الشرقي وعلى الرغم من معاركه المستمرة ضد القوات الفارسية فإنها استطاعت البقاء والمحافظة على أراضيها للقرون القادمة ، ولكن في الغرب كانت قصتها مختلفة حيث دمرت الإمبراطورية بسبب الصراع الداخلي وكذلك التهديدات من الخارج لاسيما من القبائل الجرمانية التي أرادت السيطرة على الأراضي الرومانية.
انهيار روما
انهارت روما في نهاية المطاف تحت وطأة ثقل إمبراطوريتها المتضخمة ، وفقدت مقاطعتها واحدة تلو الأخرى بريطانيا في حوالي عام 410م إسبانيا وشمال إفريقيا بحلول عام 430م ، وشمال إيطاليا في حوالي 450م ، مما أدى إلى زعزعة أسس الإمبراطورية ؛ وفي ديسمبر 476م غزا البرابرة الجرمان روما وعينوا أميرا منهم كإمبراطور معلنين بذلك نهاية الإمبراطورية الرومانية ، تم تقسيم ما تبقى من الأراضي الرومانية بين قبائل القوط الشرقيين في إيطاليا والفرنجة في فرنسا حاليا و الوندال في قرطاج ، وأيضا قبائل القوط الغربيون في جنوب فرنسا وشبه الجزيرة الإيبيرية وهم نفسهم الذين قاتلوه المسلمون في فتح الأندلس ، وقد شكلت هذه الممالك البربرية الحجر الأساس لبناء كيان الغرب .
قد تكون روما قد سقطت ولكن الأفكار وأنظمة الحياة التي ابتكرها من لغة وفلسفة ما زال موجودا في العالم الغربي ، ومن الممكن أن نقول أن العالم الغربي هو اندماج بين الحضارات البربرية وحضارة روما ، ولكن بطبيعة الحال الحضارة الغربية لم تصعد للنجومية إلا بعد قرون طويلة من التخلف والانحطاط على كافة الأصعدة .