إميل دوركايم أسس علم الاجتماع الحديث | وخالق نظريات علوم التربية

ولد ديفيد إميل دوركايم في 15 من أبريل سنة 1858م في مدينة ابينال الفرنسية ، كانت أسرته يهودية ميسورة الحال حيث كان والد أمه تاجرا معروفا وأما والده فكان حخاما ، سار إميل على نهج عائلته فدخل لدير لتعلم تعاليم الدين ، فدرس التلمود والعهد القديم واللغة العبرية ، لكنه لم يجد شغفه في دراسة تعاليم الدين فإلتحق بالمدرسة النظامية ، وبعد إكماله دراسته الثانوية انتقل إلى باريس وهناك أصبح بعيدا كل البعد عن الدين ، حيث تأثر بالأفكار التنويرية التي كان جون جاك روسو أحد المنظرين لها وفولتير ومنتيسكيو وغيرهم . عرف عن دوركايم تفوقه في الدراسة وحبه للمطالعة ، فبعد وصوله ل باريس حاول الالتحاق بالمدرسة العليا للنور ( للأساتذة ) ، لكنه فشل مرتين في الامتحانات الأولية بعد ذلك إلتحق بها ، فقد كانت هذه المدرسة إحدى أحسن المدارس الفكرية ووجد فيها فلاسفة ومفكرين فرنسيين كبار .

بعد دوخول إميل دوركايم للمدرسة بدأ يدخل في نقاشات فكرية مع الطلبة والأساتذة ، وهناك تعرف على صديقيه جان وهنري واللذان سيصبحان فيما بعد أحد أعظم رموز الفكر في فرنسا ، هنا اكتشف دوركايم أنه لا يملك معرفة دقيقة في الفلسفة وبذلك استشعر نقصان أفكاره ، فبدأ يدراسة بطريقة أعمق ويبحث بشكل مستمر ، بعد تخرجه عمل في مهنة التدريس لمادة الفلسفة لمدة ليست بالطويلة ، فانتقل إلى ألمانيا ليدرس الإقتصاد والأنثروبولوجيا ، وعاد من جديد إلى بوردو ليصبح محاضرا في جامعة بوردو ، وبعد حصوله على الدكتورة انتقل إلى جامعة سوربون وهنا إلتقى ب هاري ماريو الذي أثر في أفكاره وغير نظرته لمجال التعليم ، حيث فرض عليه ماريو التدريس على نهج علوم التربية ، وبعد وفات ماريو أصبح إميل دوركايم هو الرئيس لقسم التربية .

يعد إميل دوركين واحدا من أعظم العلماء الذين أسسوا علم الاجتماع ، وهو الذي وضع الأسس النظرية والتطبيقة لهذا العلم وجمع بينهم ، وقد روج لعلم الاجتماع في الأوساط الأكاديمية ليصبح علما مستقلا بذاته .

أفكار إميل دوركايم في علوم التربية

يعد دوركايم واحدا من الأوائل الذين أمنوا بفكرة التربية فاعتبر أن التربية واقع اجتماعي ، ورأى أن هناك علاقة وطيدة بين المدرسة والمجتمع والفكر والمعرفة والمجتمع ، وقد انتقد اميل بشدة أفكار كانط في التربية واعتبرها أنها مجرد خرافات لا يمكن تحقيقها بشكل مثالي . وقد تأثر اميل بالنزعة الوضعية وبأفكار جون جاك روسو ، حيث رأى أن التربية يجب أن تتسم بالتعاقد الاجتماعي أي أن ترتبط التربية بالتعاقد السياسي ، واعتبر أن البيداغوجية ليست علما بل هي فن تربوي ، وحاول الربط بين التربية المثالية والتربية العملية ؛ وقد رأى أن الغرض من التربية هو تكوين الفرد من أجل المجتمع .

مفهوم التربية لدى دوركايم : يرى دركايم أن التربية هي مجموعة من القواعد الأخلاقية التي يأصلها المربي في شخصية الطفل ، والتربية حسب إميل هي ظاهرة اجتماعية الغرض منها هو تأطير الأجيال الناشئة لتذهب بنفس النهج التي سارت عليه الأجيال المربية ، وتختلف التربية من مجتمع لأخر ومن طبقة اجتماعية لأخرى ؛ وذلك بالاعتماد على الإنضباط وربط أفكار ومعتقدات وعواطف الطفل بالمجتمع .

أفكار إميل دوركايم في علم الاجتماع

تأثر إميل دوركايل وكغيره من علماء وفلاسفة القرن 19 بالتحول الذي شهده العالم من الزراعة إلى الصناعة من الاقطاعية إلى الرأسمالية ، وما نتج عن ذلك من ظواهر اجتماعية كان من اللازم أن يوضع لها حد ، وقد حيرت اميل فكرة الوعي الجماعي لدى الناس رغم اختلاف الشخصيات ، إلا أنه وجد أن تراكم العوامل الثقافية والأيديولوجية والتربوية والدينية هي العامل الرئيسي التي تجعل المجتمع لديه عقل جماعي ، وهذا ما يؤدي إلى تكوين رأي جماعي أي إطار مرجعي قائم على تلك العوامل ، يحتكم بها الأفراد على صحة أو خطأ أو خير أو شر أي شيء ، وبذلك تنصهر الأنا داخل الفكر الجماعي ليصبح الضمير الأخلاقي مرتبطا بالمجتمع ، وقد اعتبر اميل أن المجتمع يمتلك سلطة رمزية في نفس وشخصية الفرد ، وبطبيعة الحال فلكل مجتمع ضميره الأخلاقي لكون العادات والتقاليد والأيديولوجيات …. تختلف من مجتمع لآخر ومن طبقة اجتماعية لأخرى .

لاحظ دروكيم الاختلاف الكبير بين مجتمع المدينة والقرية ، فالمجتمع في المدينة يميل إلى الفردانية إلى حد كبير عكس المجتمع الريفي الذي تكون فيه الأواصر العائلية متقاربة ويكون هناك تضامن اجتماعي بين أفراد القبيلة أو الريف ( وهذا ما يسمى بالتضامن الآلي ) ، ولتقريب هذا التماسك الاجتماعي في المدينة تم تقسيم العمل بين أفراد المجتمع حيث يكون كل فرد متخصص في تخصص معين ( ويسمى بالتضامن العضوي ) .

زواج دوركايم

تزوج إميل دوركايم في سنة 1887م من لويز دريفوس وأنجبت له الأخيرة طفلين بنتا وولدا .

نظرة اميل للدين

اعتبر دوركايم أن الدين هو الأدوات الجوهرية التي اعتمدت عليها المجتمعات القديمة في بناء المجتمع ، وقد رأى أن الدين هو مجموعة من الطقوس والمعتقدات المقدسة التي تؤمن بها مجموعة بشرية ما ؛ وحسب نظرة دوركايم فإن الدين والقيم والمبادئ ماهي سوى نتاج اجتماعي .

الوفاة

عاش اميل حياة زاخرة بالانجازات ، إلا أنه في أخر أيامه عاش محبطا وحزينا بعدما مات ابنه في الحرب العالمية الأولى في سنة 1915م ، وهنا بدأت صحته تتدهور خاصة في سنة 1916 ظهر عليه الاعياء ، وبذلك توفي العالم العظيم مؤسس علم الاجتماع إميل دوركايم في 15 من نونبر سنة 1917م عن عمر يناهز 59 سنة في باريس ، ودفن في مقبرة مونبارناس .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى