الشريف الإدريسي العالم الذي رسم خريطة بلاد يأجوج ومأجوج
الشريف الإدريسي لقب بأبو الجغرافيا في ذلك الوقت، هو أبو عبد الله محمد ابن عبد الله ابن الإدريسي الشريف الإدريسي محمد علي الجريسي، وسمي بالشريف وهذا لنسب أسرته النبيل الذي كان نسلا حاكما للمغرب تعود أصوله لنسل النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد ولد في العام 1100 ميلادي في مدينة سبتة، تلقى علومه الدينية في مدينة سبتة وكان معروفا بفضله الكبير وحبه للمعرفة والاكتشاف، وعرف بكثرة السفر من بلد إلى أخر ليتعرف على الشعوب والحضارات المختلفة، وبما أنه رحالة وجغرافي كان دائما يصطحب معه الأوراق والخرائط والأقلام التي كان يرسم ويدون بها كل رحلاته ومساراته والتضاريس التي كان يمر بها، وكان دائما يحب أن يلتقي بالأشخاص الرحالة المعروفين يسألهم عن رحلاتهم وأغرب الرحلات التي خاضوها في الأرض، وقد ساعده التقدم عربي المذهل والمناخ الجغرافي الخصيب أن يصبح عالما ومفكرا بفضل البيئة المواتية لأن يبلغ ذروة الإبداع في هذا المجال.
علاقة الإدريسي بالملك روجر
القصة كلها تبدأ عندما ذهب الإدريسي إلى صقلية التي كان يحكمها ملك لقب ب “روجر الثاني”، وهذا الملك كان معروفا بحبه الكبير للخرائط والجغرافيا بصفة عامة، وكان لديه فضول كبير لمعرفة خريطة العالم الكلية، فما كان من الملك روجر إلا أنه طلب لقاء الإدريسي فور دخوله إلى صقلية، وبالفعل تم اللقاء بين الإدريسي والملك روجر الثاني، ودار بينهما حوار طويل وأسئلة كثيرة كان يسألها الملك ل الإدريسي ليشبع شيئا من فضوله اللامتناهي، لكن الأمر الأبرز والحدث الأكبر في هذا اللقاء كان أن الملك روجر الثاني طلب من الإدريسي أنه سيمول مشروعا ضخما لرسم خريطة العالم الكلية، وطالبه أن يكون على رأس وفد من العلماء، ليتسنى لهم وضع خريطة العالم.
وأعطى للإدريسي قيادة المشروع لخبرته ومعرفته بالجغرافيا وخرائط العالم وما يكتسبه من مهارات وخبرة التي تمكنه من قيادة هذا المشروع الضخم، طبعا الإدريسي وافق على هذا الأمر لأنه كان يحب أصلا الخرائط وأمنياته أصلا أن يرسم خريطة كاملة للعالم، وقد كان تحت يده مجموعة كبيرة من المهندسين من الباحثين.
الخريطة وكروية الأرض
بدأ المشروع في سنة 1138م وانتهى في العام 1154 ميلادي حيث دام لمدة أكثر من ستة عشر سنة، شارك فيه العديد والكثير من البحارة والرحالة المعروفين حول العالم لجمع تضاريس وتفاصيل عديدة ومختلفة عن العالم وتدوينها في الخريطة ورحلات عديدة قادها الإدريسي بنفسه، والنتيجة كانت كرة فضية كبيرة وضخمة جسدت ونقشت عليها الأنهار والبحار والبحيرات والجبال والتضاريس وبلدان العالم كلها، وزنها أربعمئة رطل، أي ما يعادل ستة وخمسين كيلوغراما من الفضة في وقتنا الحاضر، بلغ قطر الكرة حوالي مترين، وأيضا كتاب الإدريسي المعروف عالميا نزهة المشتاق في اختراق الأفاق، وذكر في كتابه أن الأرض مدورة، وشبه الكرة الأرضية بالبيضة والماء ملتصق بها.
مصير أعمال الشريف الإدريسي
للأسف الكرة الفضية الكبيرة التي أنجزها الإدريسي فقدت بعد موت الملك روجر الثاني ونشوب صراعات على الحكم في صقلية، وكما هو معتاد دائما تكون الحروب والنزاعات سببا في خراب العلم وضياعه كما حدث لمكتبة بغداد، وفي الأندلس بعد سقوطها سرقها اللصوص وحولوها إلى فضة لكي يستفيدوا منها.
أما عن كتابه ما زال موجودا لحد الساعة وترجم للغات كثيرة، ويتضمن في صفحاته خريطة الإدريسي التي اعتمدت خريطة رسميا للعالم لمدة تفوق ثلاثمئة سنة، و رغم دقتها الكبيرة إلا أن فيها من الغموض ما يثير الجدل، ويجعلك تتخيل كيف لخريطة رسمت قبل تسعة قرون يذكر لنا فيها مناطق لا نجدها في خريطة اليوم.
أرض يأجوج ومأجوج في خريطة الشريف الإدريسي
أول أمر غريب أن خريطة الإدريسي كانت مقلوبة رأسا على عقب، أي شمال خريطة الإدريسي هو في جنوب خريطة اليوم، وجنوب خريطة الإدريسي هو في شمال خريطة، ليس هذا وحسب فقارة إفريقيا كانت تتوسط العالم في خريطته وكانت ضعف حجمها في خريطة اليوم، ولهذا يقال عن خريطة اليوم التي نعرفها حاليا خريطة العالم أنها خريطة سياسية وضعها الغرب لتخدم مصالحهم السياسية البحتة.
كما ذكرنا سابقا أن الإدريسي كان يحب الجلوس والحديث مع البحارة والرحالة معروفون ومشهورون الذين خاضوا أغرب الرحلات حول العالم والذين وصلوا إلى أماكن لم يصلها غيرهم، ومن بين هؤلاء الناس كان الإدريسي التقفي وهو أكثر الناس الذين لديهم خبرة وعلم برحلة سلام الترجمان وهو أول إنسان وصل إلى سد يأجوج ومأجوج بعد ذو القرنين، فكان الشريف الإدريسي يتقصى أثرهم ليسمع القصة كاملة عن رحلة سلام الترجمان والأماكن التي رأها ومر بها، وما هي التضاريس التي كانت في رحلته ليصل في النهاية إلى سد يأجوج ومأجوج.
وبالفعل اضاف سد يأجوج ومأجوج في خريطته في الجنوب ، وهذا يعني أنه في شمال خريطتنا لأن خريطته كانت مقلوبة، وذكر أنه في مناطق سيبيريا وضواحيها حتى في رحلة سلام الترجمان ذكروا أنه في تلك المناطق (سيبيريا، أذربيجان، أرمينيا) .
سد يأجوج ومأجوج لم يكن الشيء الوحيد والغريب الذي ذكر في خريطة الإدريسي ولم يذكر في خريطتنا، فهو أول من أحاط خريطة العالم بجبال مرتفعة وشاقة تدور على كل الخريطة سميت هذه الجبال بجبال قاف، وهذه الجبال تشبه كثيرا الجبال التي ذكرت في سلام الترجمان، أنها جبال شاهقة مرتفعة ملساء لا نبات فيها ويلتصق بعضها ببعض، ويقال أن يأجوج ومأجوج يعيشون خلف تلك الجبال الشاهقة.
علاقة يأجوج ومأجوج بالقارة الجنوبية المتجمدة
دعونا نوضح أمر يأجوج ومأجوج أعدادهم ضخمة جدا وهائلة مما يجعل لكل واحد منا نحن البشر يقابله 999 من يأجوج ومأجوج، تخيل يا عزيزي فنحن البشر وصل عددنا إلى أكثر من 8 مليار نسمة وبدأت الأرض تضيق بنا، فكيف ل يأجوج ومأجوج الذين أعدادهم يصل إلى عدد كبير لا أستطيع حتى أن أعده أن يعيش في منطقة صغيرة خلف سد يأجوج ومأجوج، لا بد من وجود عالم ضخم واسع وشاسع يأوي يأجوج ومأجوج وأعدادهم الضخمة والكبيرة اللامتناهية، والأمر المحير أكثر أن الإدريسي لم يترك مكانا واسعا جدا لهم خلف السد الذي رسمه، وهذا إن دل فإنه يدل على شيء أنهم يعيشون في عالم أخر خلف سد يأجوج ومأجوج.
هنا نجد المشكلة الأكبر مع دور التكنولوجيا والأقمار الصناعية من كل هذا، أما الناس فقد فسروا هذا الأمر منهم من قال وجود عوالم أخرى، منهم من ربطه بالأرض مسطحة أم دائرية، منهم من ربطه بالأراضي السبع ومنهم من قالوا أن السد الذي بناه ذو القرنين ما هو إلا سد يفصل بين الأرض الأولى التي يعيش عليها البشر والأرض الثانية التي يعيش عليها يأجوج ومأجوج، وأن هناك سبع أرض لكل أرض قوم يعيشون فيها، والكثير والكثير من التفاسير التي يمكنك تصديقها كما يمكنك تكذيبها لأنه لا دليل واضح وقاطع على هذا الأمر.
أما الشيء الواضح والمؤكد والمتفق عليه أنه لا بد من أن الغرب يخفي عنا أشياء كثيرة ومنها القارة الجنوبية المتجمدة أو قارة أنتاركتيكا ماذا يوجد فيها؟ وماذا يوجد خلفها؟ أهي مجرد قارة أم هي شيء آخر؟ أو هي جبل يفصل عالمين مختلفين، لا ندري.