نيكولا تسلا الرجل الذي اخترع كل شيء وظلمه العالم | القصة الحزينة

ولد نيكولا تسلا في 10 من يونيو سنة 1856م ، في قرية “سميلجان” التابعة للإمبراطورية النمساوية في ذلك الوقت وحاليا موجودة في دولة كرواتيا من والدين صربيين ، وفي يوم ولادته هبت عاصفة رعدية قوية جعلت أهل القرية يتنبؤون بفال سيء على الطفل الوليد ، فقد كان والده كاهنا أما والدته “جورجينا كوكا تسلا” فكانت تنتسب من عائلة ذات شأن علمي كبير ، وهي الأخرى ذات ذكاء حاد بحيث كانت قادرة على حفظ القصائد الصربية بشكل سريع ، وقد ورث نيكولا عن أمه هذه الصفات ، بالإضافة إلى التدريبات التي كانت تقدمها الأم لابنها ، مما جعله يحسن التحدث بثمان لغات ، وقد عرف نيكولا بذكائه الحاد في المدرسة ، بحيث كان متفوقا بشكل واضح في الرياضيات والفيزياء ، مما جعل أساتذته يشكون في مدى نزاهته في التعامل مع الامتحانات ، لكن وبعد المراقبة المستمرة التي كان يقوم بها الأساتذة ، تأكدوا أن الطفل تسلا شديد الذكاء .

وقد التحق نيكولا بجامعة “جراتس  للتكنولوجيا ” في النمسا ، حيث كان يود التخصص في الرياضيات والفيزياء إلا أنه غير رأيه أخر الأمر وتخصص في الكهرباء ، وهنا ظهرت مواهب نكولا حيث قطع أشواطا كبيرة في دراسته أثناء السنة الأولى فقط ، حتى وصل الأمر بالأساتذة إلى ارسال رسالة إلى أبيه لأخباره أن ابنه يجهد نفسه أكثر من اللازم .

الطفولة الحزينة والشباب الصادم

فقد عانى نيكولا من حوادث محزنة في طفولته ، حيث توفي أخوه أمام عينيه أثناء امتطائه للحصان في السباق ، وهذا ما جعل الطفل نيكولا البالغ ثمان سنوات يتأثر بشكل مروع ، وقد بقي الحادث في ذاكرته مدى حياته ، بالإضافة إلى كونه عانى من مرض الكوليرا القاتل لمدة تسعة أشهر وهو في سن 17 ؛ ورغم الذكاء الذي ورثه نيكولا والتفوق الذي كان يحظى به ، لم يستطع نيكولا اكمال دراسته في الجامعة ، بسبب ادمانه على لعب القمار مما جعل منحته الدراسية تستهلك في اللعب ، ورغم أنه قدم تقريرا للجامعة بتأجيل موعد الامتحانات ليستطيع اكمال دراسته ، إلا أن الجامعة لم تقبل عذره ، وهنا قرر نيكولا الذهاب إلى براغ للتعلم من الأساتذة بشكل سمعي لا الحصول على الشواهد في “جامعة كارلوفا” .

بداية نيكولا تسلا نحو التألق

بدأت حياة نيكولا تسلا العملية سنة 1881م كمهندس كهرباء في شركة هواتف ب “بودابست” ، وفي سنة 1882م قرر نيكولا الذهاب إلى باريس للحصول على وظيفة في شركة “أديسون كونتينتال” للأجهزة الكهربائية ، وهنا لمع شأنه وقررت الشركة ارساله إلى نيويورك لأحد فروعها ، وهناك عمل في حل المشاكل الكهربائية في البيوت ، وقد عرض على أديسون مشروعه في تحسين أداء المولدات الكهربائية وقد وعده حينها أديسون ب 12 مليون دولار ، لكن بعدما قدم المشروع زاد أديسون من راتبه الأسبوعي بنحوي 10 دولار فقط ، وقال له أنت لا تفهم في حس الدعابة الأمريكية ، هنا انزعج تسلا وأحس بأنه تم استغلاله في أداء مشاريع لن يستفيد منها شيء بل وستنسب إلى أشخاص أخرين .

سطوع نجم نيكولا تسلا وسرقت أفكاره

بعدما استقال نيكولا من شركة أديسون بدأت الحرب بينه وبين أديسون في الاستحواذ على السوق ، وهنا استطاع تسلا اقناع المستثمرين في الاستثمار في شركته التي تعتمد على التيار المتناوب ، وقد ساعد هذا في انتشار الكهرباء في كل البيوت وفي أنحاء البلاد ، وقد أعتمد نظامه في تدبير الكهرباء في القرن العشرين متفوقا على عدوه أديسون الذي يعتمد على التيار المستمر ، كما قام باختراع الراديو لكن حريقا قام بتدمير عمله ، بعدها سرق العالم الايطالي “ماركوني” براءة الاختراع ونسبها لنفسه وفاز على غرارها بجائزة نوبل للعلوم ، لكن وبعد سنتين من وفاة نيكولا تسلا أبطلت المحكمة براءة الاختراع ل ماركوني ، وذلك بسبب اكتشاف أن الأفكار كانت ملك “نيكولا” لا “ماركوني” . كما قام بالعديد من الاختراعات التي نسبت إلى غيره كالدينامو وتكنولوجيا الرادار والمحركات الكهربائية وجهاز التحكم عن بعد . ورغم سرقت براءات الاختراع الخاص به لم يكن يقلق أو يهتم بذلك .

 وفي سنة 1895م قام بإنشاء محطة كهرومائية في الولايات المتحدة الأمريكية ، وقد بدأ نيكولا مشروعه الأضخم لصناعة نظام محطة للاتصالات اللاسلكية سنة 1900 ، وكان الهدف من هذا المشروع هو تبادل المعلومات حول العالم وايصال الكهرباء إلى البيوت بشكل مجاني ولا سلكي ، لكن مشروعه باء بالفشل بعد خروج أغلب المستثمرين من المشروع نظرا لكونه لن يدر عليهم أي قرش ، وفي 4 من يوليو سنة 1917م هدم برج تسلا الهادف إلى نشر الكهرباء والمعلومات بشكل مجاني ، وحينها أعلن عن افلاس نيكولا تسلا .

الأعمال والاهتماماته

 كان تسلا رجل مهتم بالبيئة وكان يحذر من نفاذ الموارد الطبيعية ، كما كان قليل النوم كثير العمل ، فقد كان لا ينام سوى ساعتين بالليل وسويعات قليلة في الزوال ، وفي بعض الحالات كان تسلا يعمل 84 ساعة متواصلة ، استطاع خلالها تسلا الوصول إلى أكثر من 300 براءة اختراع ، أغلبها سرقت إما من طرف أشخاص أو استولت عليها الولايات المتحدة الأمريكية بعد وفاته . فقد كان الفضل ل نيكولا تسلا في ظهور الأنترنيت واختراع الهواتف والراديو والوايفي وأجهزة التحكم عن بعد ، والروبوتات والأشعة السينية والاتصالات اللاسلكية والليزر ، كما كان له الفضل في اختراع الحواسيب والفيزياء النووية والتمدد البالستي ، وكثير من الاختراعات الأخرى التي لا تعد ولا تحصى .

وفاة نيكولا تسلا

توفي نيكولا تسلا في غرفته ب نيويورك الحاملة للرقم 3327 في 7 من يناير سنة 1943م ، عن عمر يناهز 86 سنة ، بعدما أصبح في أخر أيامه يحدث الطيور ويعاني من الوسواس القهري ، أفدى نيكولا تسلا حياته كلها للعلم غير أبه بالمال وبراءات الاختراع التي سرقت أغلبها منه ونسبت لغيره ، مات الرجل الذي اخترع كل ما تراه اليوم إما بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر ، لكن نهايته كانت مؤسفة حيث مات مفلسا ووحيدا ، فالرجل لم يتزوج قط رغم أن النساء كانت تتهافت لسماع كلمة واحدة منه ، لكن مجده ظل إلى اليوم ، رغم أنه لم يلقى ما كان يستحقه من مجد في حياته . لكن بعد موته داع صيته “فكم من رجل يولد بعد موته” .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى