الحرب الأهلية الإسبانية ومشاركة المغاربة فيها
انطلقت الحرب الأهلية الإسبانية في يوليوز ألف وتسعمائة وستة وثلاثين من مدينة تطوان ، حيث أصدرت القيادة العسكرية الإسبانية بيان تمرد بعد ذلك مباشرة التحق بتطوان من سيصبح قائد التمرد الجنرال فرانكو ، الجنرال فرانكو كان يعي أنه لو اعتمد على الإسبان فقط لن يتمكن من الانتصار في هذه الحرب الأهلية ، لذا راهن على المغاربة وراهن وفق استراتيجية متعددة الأبعاد .
البعد الأول سياسي | الحرب الأهلية الإسبانية
كان يعي بأن قادة الحركة الوطنية في الشمال يمكن أن يكونوا عنصر مهم بالنسبة له ، لذا حاول أن يقنعهم أنه من الوطنيين وأن حركته هي حركة وطنية ، وفي الحقيقة أن قادة الحركة الوطنية تعاطفوا معه لأنه كانت لهم خيبة أمل كبيرة من الحكومة الجمهورية التي لم تفي أبدا بوعودها ، في المقابل وعدهم فرانسيسكو فرانكو لو انتصر في الحرب سيمنح الديمقراطية لشمال المغرب من خلال السماح بتأسيس أحزاب سياسية وصحافة حرة ودمج المغاربة في الوظيفة العمومية ، وفي الواقع قد أوفى بالكثير من وعوده إذن هذا هو البعد السياسي .
البعد الآخر الديني
الرجل كان يعرف أهمية الدين بالنسبة للمغاربة ، فحاول أن يقنعهم بأن الحرب ليست ضد الشيوعيين ، بل قل ضد الكفار ضد الملحدين وأنه هو والمتعاطفين معه من المسيحيين ، فهم يؤمنون بإله واحد مثل المسلمين بعكس المتمردين الذين لا إلها لهم ، ولعب على استراتيجية ذكية جدا هي قضية الحج ، فبدأ يبعثه القيادات الدينية وأعيان المنطقة إلى الحج ، بل وكانت هناك سفينة خاصة باخرة خاصة تأخذ المغاربة إلى الحج في المغرب الأقصى ، فلما يعودون من الحج يستقبلهم في قصور الأندلس ، وفي الحقيقة هؤلاء روجوا لـ فرانكو بطريقة لم يكن يحلم بها أشاعوا بين المغاربة أن فرانكو فعلا أصبح مسلم وأنه اسمه الحاج فرانكو ، وأنهم شاهدوه في عرفة يؤدي مناسك الحج وأن غايته هو مساعدة المسلمين لاستعادة الأندلس .
إذن هذه الاستراتيجية بطبيعة الحال أعطت أكلها بشكل كبير لدرجة أن الجنود عندما كانوا يقاتلون مع فرانكو تأثروا وأصبحوا يرددون بعد العبارات مثل حجاج بيت الله والشيخ رسول الله يعني يخاطبون أولئك الذين ذهبوا إلى الحج ، إذا هذا هو العنصر الثاني ديني .
البعد الثالث ثقافي
فرانكو كان له معرفة كبيرة بالثقافة المغربية ليس فقط اللغة وإنما ثقافة هو مساره بدأه منذ البداية في المغرب في العشرينات كان في الريف ، وهذا جعله يمتلك معرفة جيدة بالثقافة المغربية ، حتى أنه كان يعرف بعض الكلمات الأمازيغية والأغاني المحلية ، وهذا جعل الناس تتعاطف معه داخل المغرب .
العنصر الرابع اقتصادي | الحرب الأهلية الإسبانية
الذين شاركوا في الحرب كلهم فقراء في مرحلة كان المغرب يعرف فيها مجاعة منطقة الريف ، وبالتالي هذا ساعدهم على تحسين وضعيتهم كيف ما كان الحال .
هؤلاء هم الذين حسموا الحرب لفائدة فرانكو حوالي ثمانين ألف شخص مغربي شارك في الحرب الأهلية الإسبانية ، وهذا الرقم ضخم بالمقارنة مع عدد سكان الريف فيذلك الوقت ؛ إذن المغرب كان له دور أساسي في تغيير النظام في إسبانيا إلى الديكتاتورية ، ولكن ليس المغرب الرسمي أولا لأن المغرب الرسمي كان تحت الحماية ، وثانيا لأن السلطان محمد بن يوسف أدان هذا العمل هناك رسالة موجهة من السلطان بن يوسف إلى المقيم العام الفرنسي يدين استغلال المغاربة في قضية ليست قضيتهم ضد حكومة ديمقراطية في اسبانيا .
ولم يستعمل فرانكو المغاربة في الحرب الأهلية الإسبانية فقط بل استعملهم أيضا في الحرب العالمية الثانية ، فقد أرسل جنودا منهم إلى ألمانيا النازية للمحاربة في ساحات القتال .