جوزيف ستالين | الرجل الحديدي بطل الحرب أم الدكتاتور القاتل

جوزيف ستالين ( جوزيف فيساريونوفيتش جوغاشفيلي )

يعد جوزيف ستالين واحدا من أعظم رؤساء العالم ، فهو الحاكم الثاني للاتحاد السوفياتي ، وقد سيطر على الحكم لمدة عقدين من الزمن ، ولد ستالين في مدينة غوري بجورجيا جنوب الامبراطورية القيصرية سنة 1878م ، من طرف “بيساريون جوغاشفيلي” وهو عامل أحذية و السيدة “كيتيفان جيلادزي” ، أصيب ستالين بالجدري في السابعة من عمره ، كما كان طفلا فقيرا وضعيف البنية . تعرض ستالين لتسمم في الدم نتيجة لحادث مركب ، كما كان يتعرض للتنمر من طرف أطفال القرية التي كان يسكن فيها ، إضافة إلى والده الذي كان يعامله بشكل سيء ، خاصة بعدما أصبح والده عاطلا عن العمل ومدمنا على الخمر ، وهذا ما جعل له انطباعا سيئا فيما بعد .

كانت والدة ستالين تعمل في غسل الملابس ، وأرادت أن يكون ابنها كاهنا ، لكنه أصبح عدوا لدودا للأديان ، وقد هجرت زوجها بعدما كان يعنفها وابنها أيضا ، بعد ذلك ألحقته والدته الصارمة في مدرسة كنسية ب “غوريا” سنة 1888م ، ليلتحق فيما بعد بمعهد “تيفليس اللاهوتي” نتيجة لتفوقه ، في هذه الفترة كانت الامبراطورية القيصرية تعتمد على الباباوات في السيطرة على الناس ، ليعيش الأغنياء في ثراء فاحش ويعيش الفقراء في فقر دامس . لكن كانت علاقة ستالين بوالدته سيئة طيلة أربعين سنة الأخيرة من عمرها .

كان ستالين منذ شبابه ثوريا ، لكونه التحق ب  منظمة المجموعة الثالثة السريَّة ، التي كانت تهدف إلى فصل جورجيا عن روسيا القيصرية ، بعد التحاقه تعرف ستالين على الشيوعية والأفكار اللنينية ، مما دفع المدرسة اللاهوتية إلى طرده ، بسبب أفكاره المعادية للحكم القيصري . ليتزوج ستالين من “ايكاترينا سفانيدزي” في الكنيسة ، ليرزقا بطفل أسمياه “اكوف جوغاشفيلي” .

تزوج ستالين للمرة الثانية من \”ناديا سيرجيفنا\” المناضلة اللينينة ، التي أنجبت منه ابنته \”سفيتلانا جوغاشفيلي\” و \”فاسيلي جوغاشفيلي\” ، وقد أصبحت ناديا تعارض ستالين بعد انتشار المجاعة ، لتنتحر سنة 1932م ، لكن هناك أصوات تقول أن ستالين من قام بقتلها .

بديات جوزيف ستالين في الفكر السياسي

بعد طرد ستالين من المدرسة ، شغل كمدرس وبعدها موظف في الأرصاد الجوية ، لينضم إلى الحزب الشيوعي سنة 1902م ، هذا كان سببا للاعتقاله لستة مرات ، وينفى إلى سيبيريا ، ومن هنا أطلق عليه لقب ستالين ، والذي يعني الرجل الفولاذي . هرب ستالين من سجن سيبيريا خمس مرات ، وأصبح خارجا عن القانون ، ولكي يؤمن غذائه أصبح يسرق الناس واتهم بالخطف والابتزاز ، كما ساهم في سرقة بنك \”تيفليس\” سنة 1907م وهذا ما جلب له العار . وبعد اكتشاف النظام القيصري مطبعة تطبع المنشورات الثورية ، دخل ستالين السجن بعد رحلة طويلة في أوروبا ، في هذه الأثناء ماتت زوجته كارثين ، وقد صرح على هذا الحادث أنه كانت أسوء لحظات حياته ، ف كاثرين هي التي كانت تلطف قلبه الحجري ، وبعد موتها لم يعد شيء يهمه ؛ لتندلع الحرب العالمية الأولى سنة 1912م والتي أسهمت في تدهور الاقتصاد ، وأدت في النهاية إلى قيام الثورة البلشفية سنة 1917م .

ستالين والثور البلشفية

يعتبر ستالين واحدا من أبطال الثورة البلشفية ، رغم أنه لا يملك قدرة كبيرة في فن الخطابة ، لكنه يحسن الادارة والسلطوية ؛ فبعد انتهاء الثورة فرض لينين التأميم التام هذا أدى إلى مصادرة أراضي الفلاحين ، وساهمة في انتشار مجاعة كارثية ، لكن بعد تولي ستالين زمام الأمر فرض رأسمالية محدودة ومؤقتة تحت سلطة لينين ، هذا ساهم في تحرك عجلة الاقتصاد ، وقدمت مساعدات مالية أمريكية للشعب المنكوب ، وهذا أدى إلى القضاء على المجاعة ، وأصبح الأطفال يجدون ما يأكلون .

وفي سنة 1922م أصبح ستالين سكرتيرا للحزب ، وبعد سنة تعرض لينين لجلطة دماغية ، جعلته غير قادر على الكلام ، في هذه الفترة سيطرة ستالين على الحزب ، وبعد سنة من ذلك في سنة 1924م مات أب الثورة البلشفية لينين ، وسيطرة ستالين على السلطة .

انجازات جوزيف ستالين

بعد تولي ستالين الحكم قام بالعديد من الاصلاحات ، فالبلاد كانت متأخرة بأكثر من قرن ، فقد بدأ ببناء السدود وتوليد الكهرباء ، كما عزز القدرات التعليمية ، واستطاع في عصره الاتحاد السوفياتي امتلاك القنبلة النووية والهدروجينية ، وكان ما يهمه أكثر هو وصول الاتحاد السوفياتي إلى الاكتفاء الذاتي ، وقام بإنشاء التعاونيات الفلاحية التي أسهمت في تطور المجال الفلاحي ، كما كان يصادر المنتجات الفلاحية لإنشاء جيش قوي ودولة متحضرة ، لكن هذا أدى إلى ظهور المجاعة ، وتوفي بسببها أكثر من خمس ملايين أوكراني وثلاثة ملاين روسي .

كما انتصر في الحرب العالمية الثانية ، بعد هزيمة ألمانية النازية بقيادة أدولف هتلر ، وقام بزيادة رقعت الاتحاد السوفياتي ، وبإصلاحاته الهائلة أصبح الاتحاد السوفياتي من دولة رجعية ، إلى إمبراطورية عظيمة .

ستالين الجلاد

أخذ جوزيف ستالين قرار مصادرة الأراضي من الفلاحين ، هذا أدى إلى غضب عارم من الشعب المعتمد على الفلاحة ، كما أدى هذا إلى اضطرار الفلاحين إلى اخفاء محاصيلهم ، وساهمة هذه الحادثة بانتشار القمع ، كما قام ستالين بسجن أكثر من مليونين شخص خلال خمسة عشرة سنة ، ووضع أكثر من ستة عشر مليون شخص في المعسكرات بسبيريا ، كما قام بتهجير وقتل كل المعارضين من السياسيين والمعارضين الشعبين ، وقد وصل الوضع أن كان رجل عجوز يضحك بكثرة فرحته فأدخل إلى السجن ، كما قام بقتل كل المقربين له ، وكل الأصوات ذائعة الصيت خوفا من أن تنتزع منه السلطة .

كما قام بتصدير مجاعة متعمدة على الأكرانين ، والكثير من الروس لمخالفتهم القانون ، وهذا ما أدى إلى موت أكثر من ثلاثة ملايين انسان ، وصادر كل محاصيلهم وممتلاكاتهم ، كما كان يشنق الألاف من الناس من دون أي جريمة في كل شهر ، لتصدير الرعب في كل الناس ومن دون استثناء ، وهذا ما أدى بالشعب إلى كتابة تقارير عن اخوتهم وأبنائهم وأبائهم بأنهم يتأمرون على الثورة البلشفية ، رغم عدم وجود أي شيء .

وبسبب معاملة ستالين السيئة لإبنه “ياكوف” قرر أن ينتحر ، ولكن فشلت محاولته ، وهذا ما جعل ستالين يعلق على الأمر ب \” أنت فاشل حتى في قتل نفسك \” . وبعدما اشتعلت الحرب العالمية الثانية ، أمسك النازيون بابنه ياكوف ، لكنه رفض تبديله بالمارشال \”فريدريك باولوس\” ، تحت كلمته \” لن أستبدل مارشل ألماني ب ملازم سوفياتي \” ، وهذا ما يظهر حدت ستالين حتى مع أقرب الناس له .

كما يعتبر ستالين واحدا من أكبر القتلة عبر التاريخ ، متجاوزا الرايخ الألماني هتلر ، فقد سقط على يده وبأفكاره السياسية أكثر من 60 مليون نسمة ، وهذا رقم هائل ومرعب .

ستالين عدو الدين

قام ستالين بمصادرة ممتلكات الكنائس ، وهدم دور العبادة بكل أنواعها ، لكن قام بإصلاح الأمر فيما بعد ، بعد فشل محاولاته لإسقاط الأديان ، كما عرف بمعاداته للسامية ، بوصفهم بالانتهازين ، رغم أنه كان يمثل أمام الكمرة بعدم معاداتهم ، وقد طرد ستالين ابنه ياكوف وكرهه لأنه تزوج براقصة بالي يهودية . لكن يذكر أن ستالين قد ساعد في قيام دولة اسرائيل للتخلص من اليهود من الاتحاد السوفياتي ، وكذلك الاستفادة من الأموال التي قدموها للاتحاد السوفياتي على غرار ذلك خاصة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية . وقد أهداهم ستالين القرم المتواجدة في أراضي الاتحاد لإنشاء دولتهم فيه .

لكن سكان القرم رفضوا مجيئ اليهود إليهم وقاموا بطردهم ، ومع مجيئ وعد بلفور دعم ستالين الأمر كما كان يود أن تنشأ دولة شيوعية تحت اسم اسرائيل في الأراضي الفلسطينية ، وقد بعث ستالين أكبر جالية يهودية إلى اسرائيل في ذلك الوقت ، وقام بإعطائهم أفضل الأسلحة التي اغتنمها من ألمانيا النازية ، وكان الاتحاد السوفياتي هو أول دولة في العالم تعترف بقيام دولة اسرائيل ، كما قام بدعمهم دبلوماسيا في الأمم المتحدة . لكن ومع بزوغ سنة 1953م بدأ الاتحاد السوفياتي بقيادة ستالين يرفض دولة اسرائيل . السؤال هنا هو هل كان ستالين يخدع الإسرائيليين لإخراجه من الورطة المالية التي كان يعانيها السوفيات بعد الحرب ؟ أو أن موقفه تغير لأسباب أخرى ؟

ستالين وهتلر

بعد وصول هتلر إلى الحكم في ألمانيا ، صرح بأن الشيوعيين يمثلون خطرا كبيرا على ألمانيا ، هذا أغضب ستالين وحسسه بخطورة النظام الجديد في ألمانيا ، في هذه الأثناء كان الاتحاد السوفياتي يميل إلى الديموقراطية .

في سنة 1937م ساعد “هتلر” و “موسوليني” الدكتاتور “فرانكوا” في الحرب الأهلية الاسبانية ، وهذا ما أرعب الاتحاد السوفياتي مخافة أن تصدر لهم ثورة قومية موازية ، خاصة وأن الاتحاد السوفياتي يضم قوميات وأعراق مختلفة . وفي سنة 1938م حذر من ستالين في ميونخ ، وبما أن الديموقراطيات صامتة على غزوات هتلر ، فما هو الحاجز بين اتفاق ستالين وهتلر ، اتفق الاثنان على غزو بولونيا بالتقسيم ، وفي سنة 1939م احتل الاتحاد السوفياتي ثلاثا من دول البلطيق ، بقي الاتفاق الألماني السوفياتي قائما حتى سنة 1941م ، عندها أعلن هتلر طموحه في غزو الاتحاد السوفياتي ، بعد تدمير السلاح الجوي السوفياتي من طرف الطيارين الألمان ؛ كان هذا الأمر فاجعة كبيرة لستالين الذي ظل صامتا ، وغير قادر على اتخاذ قرار مصيري إلا بعد مرور عشرة أيام ، ليعلن الاتحاد السوفياتي بقيادة ستالين ، الحرب على ألمانيا النازية .

بعد محاولة الاتحاد السوفياتي غزو فلندا لم يستطع غزوها بالكامل ، مما جعل هتلر يستشعر ضعف القوة العسكرية السوفياتية ، وكذلك كان طامحا في امتلاك الثروات السوفياتية الهائلة ، لمواجهة خطر الولايات المتحدة الأمريكية . وبهذا خان هتلر الاتفاق والذي أدى في النهاية إلى سقوط ألمانيا النازية ، وغزو ستالين لألمانيا الشرقية ، بعد معارك دامية ومصيرية قادها الجيش الأحمر .

وفاة ستالين الدرامتكي

في أخر استعراض ل ستالين سنة 1952م كان شيخا ، وظهر عليه الاعياء والكبر ، كما كان وحيدا بعدما مات ابنه الأكبر ياكوف لدى النازيين في الحرب العالمية الثانية ، وتزوجت ابنته سفيتلانا بكاتب يكرهه ، مما جعله لا يرى ابنته إلا في القليل من المرات وكذلك أحفاده .

كما كان ستالين يزداد جنونه بالعظمة ويفزع حاشيته حيث أمر بالقبض على أطبائه بتهمة محاولة تسميمه وهذا ما عرف بمؤامرة الأطباء ، يعيد ستالين إحياء معاداة الس11 امية حيث يقول هناك العديد من الصهاينة بين الأطباء وكل الصه11 اينة عملاء في الخدمة السرية الأمريكية ، وفي الخامس من مارس عام 1953 في السادسة صباحا على راديو موسكو يوري المتحدث باسم الحكومة يذيع خبرا هاما بحزن عظيم أنه بعد المعاناة طويلا مع المرض فإن جوزيف ستالين قد توفي بسكتة دماغية ، بكاه الجميع من الشعب السوفياتي ، حتى أشد أعدائه تأثر بموت رجل الحرب العظيم ، إلا أن ابنه فاسيلي حضر إلى جنازة والده وهو تحت تأثير الكحول .

تركون ستالين في عذابه ثلاثة أيام خوفا من العقاب إن استيقظ وللتأكد من أنه كان ميتا بالفعل لكي يتم ترتيب أمور خليفته ، استطاع الملحق العسكري الأمريكي تصوير مشهد نقل جثمان ستالين في البرد القارس إلى مقر مجلس الاتحاد ، حيث يوجد جثمان لينين تم تحنيط جثمان ستالين هو الأخر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى