فريدريك هيغل | التاريخ لا يعيد نفسه
ولد فريدريك هيغل سنة 1770م في بروسيا التي هي حاليا الآن ألمانية من عائلة برجوازية ، والده كان موظف بالدولة لما انتهى من دراسته الثانوية بمدينة شتوتغارت ، دخل كلية اللاهوت بمدينة تومن غن هناك درس دروس اللغة الألمانية ودرس التاريخ والرياضيات ، وبعدها أتم تعليمه وبكلية الكنيسة البروتستانتية بمدينة فورتمبيرغ ، ربطته أيضا صداقة مع بعض الفلاسفة مثل شينغ وخالد برلين ، وبعد ذلك تأثر بأعمال الفلاسفة سبينوزا روسو ، وكذلك أحداث الثورة الفرنسية أثرت به بشكل كبير ، عندما تخرج حصل على درجة علمية باللاهوت .
وهنا نراه يسير باتجاه عكس الاتجاه ، والديه أراداه أن يكون كاهنا فرفض الدخول في سلك الكهنوت حاله حال معظم الفلاسفة الذين سبقوه ، فقد بدأ يتمنى ان يموت على عيش حياة الكهنة ، بدأ يقدم دروس خصوصية بمدينة بيرن في منزل أحد الأشخاص الأرستقراطيين ، كانت بهذا المنزل توجد مكتبة كبيرة فبدأ يقرأ منها الكتب ككتب ميكافيلي وجوسي و ديفيد هوبز و اسبينوزا و لايبنتز و مونتسكيو و لوك و فولتير و ديفيد هيوم …. أدخلت له كثرت القراءة الشكوك والتمس التناقض بين الإيمان المسيحي وبين هؤلاء الفلاسفة الحركين .
وقد كان فريدريك هيغل معجب ب نابليون بونبارت وقد رأى فيه منقذ الأمة الأوروبية ؛ فبعدما انتصر الأخير على الجيش البروسي دخل إلى المدينة التي كان هيغل مقيما فيها ، فرأى نابليون يمتطي حصانه ، لكن بعد مغادرت نابليون بونابارت المدينة ترك بعض الجنود وقاموا بنهب المدينة وكان هيغل أحد الضحايا .
علاقات فريدريك هيغل
سنة 1807م ذهب هيغل إلى مكتب رئيس الجامعة ، وقد كان يبيت في أحد الفنادق إذ كانت له علاقة غير شرعية مع زوجة صاحب الفندق اسمها كريستين بوركهارت في سنة 1807م أنجبت ابنا وقالت إن هذا الابن هو ابن هيغل ، وهو الأخر اعترف به .
في سن 41 تزوج هيجل بابنة سيناتور المدينة التي كان مقيما بها بها نورنبيرغ ، بحيث كان عمر الفتاة 20 سنة فقط ، وبعد الزواج بفترة يسيرة فاجأتهم كريستين بوركهارت حيث جاءت لزيارة العروسين لكنها جاءت بابنهم الغير شرعي مع هيجل ، والذي كان في عمره أربعة سنين واسمه لودفيج وقد تقبلت زوجته الوضع بكل شجاعة وتبنت الطفل واعتبرته واحد من أفراد أسرته.
صعود نجمه
سنة 1801م ذهب هيغل إلى مدينة فيينا وسمحوا له أن يلقي محاضرات بالجامعة ، بشرط أن الجامعة لن تدفع له الراتب وأن الطلاب هم من سيدفعون له ، بشرط أن لا يزيد عددهم عن عشرة طلاب ، بعدها بثلاث سنوات تم تعيينه كأستاذ مكلف ، وبعد سنة أصبح لأول مرة يعطوه راتب شهري هذا كله بناء على تدخل شاعر ألمانيا أعطوه أجرته ، طبعا بالبداية هو لم يكن مدرس مشهور لكن مع مرور الوقت أصبح عنده شعبية . وبعدها انتقل إلى برلين وقد أثرت أفكار وفلسفة هيجل بعدد كثير من الطلبة الذين ارتبطوا به بارتباط روحيا مكنهم من معرفة مكنونات وأسرار فكر هيجل الصعب وغير المفهوم .
غادر هيغل بدم بارد سنة 1808م لكون الرقابة الحكومية كانت تزعجه ، فذهب ليكون ناظرا في مدرسة نورمبرغ وكان يعمل في هذا المجال الجديد بشغف وبإخلاص كان يدرس ويوجه ، لكنه كان دائما تواق للعمل في جامعة مميزة حيث كان يتمنى أن يحصل على منصب عالي خاصة في برلين ؛ في سنة 1816م قبل دعوة هايدلبرغ حتى يكون أستاذ الفلسفة الأول بها وبدأ يدرس خمسة طلاب ازدادوا إلى عشرين طالب قبل انتهاء الموسم الدراسي ، بدأت فلسفته تجتذب عدد أكثر من الطلاب ، سنة 1817م دعاه وزير التعليم البروسي حتى يشغل منصب كرسي الفلسفة ، تولى هيغل منصب الأستاذية بجامعة برلين لمدة 16 سنة إلى أن توفى سنة 1831م عمر يناهز 61 سنة بعدما أصيب بالكوليرا .
تميزت محاضراته بالشعبية حيث كان الطلاب يأتون من جميع أنحاء أروبا لكي يسمعوها رغم كون أفكاره تميزت بالغموض لكن معانيها عميقة .
للتوسع في أفكار هيغل اضغط هنا وذلك لكي لا نطيل المقال فيصبح مملا
المتأثرون بأفكار فريدريك هيغل
كارل ماركس استخدم الجدلية لكي يتوصل إلى حقيقة مفادها أن صراع الطبقات الاجتماعية هي النتيجة الحتمية للجدلية ، هناك بعض من الأمثلة من الممكن أن ينسبها إلى الجدلية ، في روسيا القيصرية كان هناك الدين أما في روسيا الشيوعية كان هناك ردم للدين ، أما روسيا المعاصرة اليوم فهي الموازنة بين الدين والمدنية ، في فرنسا كذلك كانت مملكة ذات أسس دينية ، ثم الثورة العلمانية لتنهض الجمهورية الأولى المنقلبة تماما على سابقتها ، ثم لاحقا الجمهورية الخامسة المعتدلة ، في الصين كذلك كانت إمبراطورية ثم انقلبت شيوعية لكنها اليوم معتدلة أكثر ، هذه الأمثلة عبارة عن اجتهادات ربما تكون دقيقة وربما لا ، لكنها طريقة متبعة في النظر إلى الماضي .
انجازاته العلمية
لا يمكننا أن نقوم بطرح كل أفكار فريدريك هيغل لذلك ( اضغط هنا ) لكي تنتقل للمقالة التي تذكر أفكار هيغل .
في 1796م ألف كتاب اسمه حياة يسوع الظلمة من منشور الحبس ، سنة 1805م وصف هيكل هذا الكتاب السيد المسيح يسوع بأنه ابن يوسف و مريم ، نحن كلنا نعرف أن السيدة مريم العذراء هي زوجة شخص اسمه يوسف وحتى عندها أبناء من عنده ، والقصة المعروفة أنه جاءه الملاك جبرائيل ونفخ فيها ، وبعد ذلك حملت بالسيد المسيح أنا لا أقول أن السيد المسيح هو ابن يوسف ومريم ، لكن هيغل رفض المعجزات المنسوبة للسيد المسيح بأكملها ، ورفض أيضا تفسيرات طبيعية اعتبرها أنها لا أساس لها من الصحة.
صور المسيح بأنه مجرد شخص يعني دافع عن وعي الإنسان ضد الكهنوت واليهودية ، واستنتج أن المسيح مات مندفعاولا يوجد شيء اسمه قيامة المسيح وغيرها ، هذا يذكرنا بما نص عليه الفيلسوف ديفيد هيوم الذي رفض المعجزات .
سنة 1801م بدأ كتابة مقال مهم عن دستور ألمانيا ، لكن هذا المقال لم يكتمل ولم ينشر إلا في سنة 1839م يعني بعد وفاته ، وقد رألى في الاتحاد قوة ، حيث لاحظ الكيانات المفتتة والصغيرة التي كانت تتكون منها إيطاليا بعصر النهضة ، والتي بسببها صارت كل الدول المحيطة بها تطمع فيها ، وبذلك أصبحت لقمة سائغة لهم رسميا ، أيضا بدأ يتذكر نصائح الفيلسوف ميكافيلي الذي يبحث عن أمير قوي حتى يقوى ملكه ، أي أن يوحد هذه الكيانات المتفرقة حتى يجعل منها أمة عظيمة واحدة ، ف هيغل كان يدعوا للأمة الألمانية ولم يكن يعول كثيرا على الإمبراطورية الرومانية المقدسة هذه الأخيرة التي استمرت تقريبا من القرن العاشر الميلادي إلى 1805م .
للتوسع في أفكار هيغل اضغط هنا وذلك لكي لا نطيل المقال فيصبح مملا
وفاة فريدريك هيغل
في سنة 1831م اجتاح مرض الكوليرا ألمانيا وعاصمتها برلين حيث كان يعمل فريدريك هيغل ، فإضطر الأخير للانتقال إلى كروزبرغ لكن حالته الصحية لم تسعفه للبقاء هناك طويلا خاصة وأنه لم يكن يستطيع الخروج خوفا من الجائحة ، وبعدما بدأ عام دراسي جديد كان المرض قد قل ، فتوجه هيغل إلى برلين وهناك أصيبة بالكوليرا وكانت سببا في وفاته في 14 نونبر سنة 1831م في مملكة بروسيا ( ألمانيا حاليا ) .