يوليوس قيصر امبراطور روما العظيم | حتى أنت يا بروتوس !
ولد يوليوس قيصر في 12 أو 13 من يوليو عام 100 قبل الميلاد لإحدى الأسر الأرستقراطية ، فقد كان والده جايمس قيصر حاكما على إقليم في أسيا ، وكانت والدته أوريليو كوتا تنتمي إلى إحدى العائلات النبيلة ، ويزعم بعض المؤرخين أن قيصر سليل أمير طروادة إيناس ، وبالرغم من أن العائلة كانت تتمتع بنجاح سياسي متوسط إلا أنها لم تكن ثرية أو ذات تأثير في الشأن الروماني .
عندما بلغ قيصر السادسة عشر من عمره توفي والده فجأة ، فسعى قيصر بعد ذلك بوقت قصير إلى التقرب من أفراد الطبقة النبيلة ، وتمكن بالفعل من الزواج من ابنة أحد النبلاء وتدعى كورنيليا ، غير أن هذا الزواج قد أثار غضب الديكتاتور الروماني سولا ، حيث كان والد كورنيليا لوسيو سينا منافسا سياسيا لسولا ، فأمر هذا الأخير قيصر بتطليق زوجته وإلا سيفقد ممتلكاته ، فرفض قيصر الخضوع لهذا التهديد ومن ثم التحق بالخدمة العسكرية في آسيا ليهرب من المشكلة التي تورط فيها ، غير أن عائلته استطاعت إقناع الدولة بالسماح لقيصر بالعودة إلى روما بعد أن صودرت أمواله.
بعد وفاة سولا عام 78 قبل الميلاد عاد قيصر مجددا إلى روما ، وبدأ قيصر حياته المهنية في المجال السياسي ، فتولى منصب المدعي العام ثم قرر الانتقال إلى رودس لدراسة الفلسفة ، وأثناء رحلته تعرض قيصر لمحنة جديدة محنة أبرزت الشخصية القيادية الجريئة ل يوليوس قيصر .
اختطاف يوليوس قيصر
تعرض يوليوس قيصر في طريقه إلى جزيرة رودس عام 75 قبل الميلاد لعملية اختطاف قام بها القراصنة في بحر إيجة ، وقد طلب القراصنة فدية لإطلاق سراح قيصر ، لكن يبدو أن قيصر شعر بالإهانة إزاء الفدية التي حددها القراصنة وأصر على أن تطلب فدية أكبر تناسب مكانته متوعدا إياهم بالإعدام فور إطلاق سراحه ، وبالفعل فقد قاد حملة بحرية بعد تحريره للقبض على القراصنة وأعدمهم جميعا .
بداية صعود قيصر
في عام 74 قبل الميلاد أعلن باتور ملك بونت الحرب على روما ، فقاد قيصر الجيش لمحاربته الأمر الذي عزز مكانته لدى الرومان ، وقد أهله ذلك لأن يتولى أحد المناصب السياسية ، خاصة بعد أن تحالف مع أحد أبرز القادة وهو جين بومبي .
تابع قيصر مسيرته السياسية الناجحة ، فشغل منصب حاكم مقاطعة إسبانيا التي كانت تابعة للإمبراطورية الرومانية عام 61 قبل الميلاد ، وبفضل تحالفه مع القائد بومبي جرى انتخابه قنصلا أولا للجمهورية الرومانية من قبل الجمعية المركزية عام 59 قبل الميلاد . رغم تحالفه مع بومبي سعى قيصر الى عقد تحالف مع القائد العسكري ماركوس 44كاسيوس44 ، على الرغم من المنافسة الشرسة بين 44كراتوس44 وبومبي ، إلا أن قيصر بقدرته الفذة على الإقناع والتفاوض نجح في إقناعهم بأن التحالف هو الحل المثالي لكليهما بدلا من العداء ليكونوا معا ما عرف بالتحالف الثلاثي الأول.
يوليوس قيصر الحاكم الأوحد ل روما
وإلى جانب نشاطه السياسي سعى قيصر إلى توسيع نفوذ روما ، فقام بتجهيز جيش كبير نجح في الاستيلاء على بلاد الغال وأصبح حاكما عليها ، وقد سمح له ذلك ببناء جيش أكبر ليبدأ به مجموعة من الحملات العسكرية ، فغزا 800 مدينة وأخضع 300 قبيلة كل ذلك ساعد في تعزيز مكانته في روما كقائد عسكري شجاع لا يتهاون مع أعدائه ، ففي إحدى حروبه أمر بحبس المياه عن أعدائه وقطع أيدي الناجين منهم .
مع انشغاله بتوسيع نفوذ بلاده ، لم يغفل قيصر عن الوضع السياسي في روما ، فعين بعض الوكلاء السياسيين للقيام بمهامه غير أن الأوضاع لم تسر على ما يرام من الناحية السياسية ، فقد دب الخلاف بين القادة الثلاثة مع صعود نجم قيصر وعودة الخلافات بين 44فرانسوا44 و بومبي . لكنهم في النهاية توصلوا إلى اتفاق في عام 56 قبل الميلاد يقضي بتولي بومبي حكم إسبانيا لمدة خمس سنوات ، ويتولى قيصر حكم المناطق التي يسيطر عليها لمدة خمس سنوات أيضا ، ومنح 44ولاية سوريا44 خمس سنوات بدوره.
لكن بعد ثلاث سنوات قتل 44كراوس44 في إحدى المعارك في سوريا ، فاشتعلت الخلافات مجددا بين قيصر وبوبي على السلطة ، واندلعت الحرب بينهما والتي انتهت لصالح قيصر ، في حين فر بومبي إلى مصر حيث قتل هناك عام 48 قبل الميلاد ، وهكذا عاد حكم روما الى يوليوس قيصر.
الحياة العاطفية ل يوليوس قيصر
في الوقت الذي كانت حياته المهنية حافلة بالنجاح كانت حياته الشخصية مضطربة ، فقد توفيت زوجته كورنيليا عام 69 قبل الميلاد بعد أن رزق منها بطفلة اسمها جوليا عام 76 قبل الميلاد ، ثم تزوج من بومبي حفيدة سولا واستمر هذا الزواج بضع سنوات فقط ينفصلا في عام 62 قبل الميلاد ، فقد كان لدى القيصر علاقات خارج الزواج كانت أبرزها علاقته ب كليوباترا السابعة ملكة مصر والتي أنجب منها ابنه قيصر أثناء وجوده في مصر بغرض تعقب بومبي . أقام قيصر علاقة مع كليوباترا وعقد تحالفا معها ، فقد كانت على خلاف مع شقيقها بطليموس الثالث عشر على السلطة ، نصحها قيصر بالإطاحة بشقيقها وتولى عرش مصر .
في سنة 59 قبل الميلاد تزوج قيصر من فتاة تدعى كاليفورنيا والتي ظلت زوجته لبقية حياته.
الاصلاحات التي قام بها قيصر
عاد قيصر الى بلاده بعد رحلة شاقة في مصر ليعلن نفسه حاكما مطلقا لروما ، عمل يوليوس قيصر على إصلاح جوانب الحياة السياسية في الإمبراطورية الرومانية ، فسعى لتسديد ديون بلاده وأصلح مجلس الشيوخ ووسع نطاق تمثيله ليشمل مختلف فئات الشعب ، وقام بتغيير التقويم الروماني ليكون متوافقا مع حركة الشمس بدلا من القمر ، وأعاد تنظيم الحكومة المحلية داعيا منافسيه المهزومين للانضمام إليه في الحكومة . وإلى جانب ذلك فقد سعى إلى الحصول على الألقاب وصك عملات معدنية مرسوم عليها صورته رغم أنه لا يزال على قيد الحياة.
أسوأ خيانة في التاريخ
في الوقت الذي عززت فيه تلك الإصلاحات السياسية مكانة قيصر وزادت من شعبيته لدى الطبقات الوسطى والدنيا ، فقد أثارت حقد منافسيه السياسيين في مجلس الشيوخ الروماني ، وازداد قلقهم إزاء قوته المتزايدة وحكمه المطلق لروما ، فقرروا وضع حد لطموحه وذلك بالتخلص منه ، لم يكن يوليوس قيصر يتخيل حتى في أسوأ كوابيسه أن عملية اغتياله ستكون بقيادة أقرب أصدقائه ماركوس جوليوس بروتوس ، ذلك الخائن الذي اعتبره قيصر أخا صغيرا له وقربه إليه . تحالف مع أعداء قيصر ودعا قيصر إلى حضور اجتماع مجلس الشيوخ في مسرح بومبي.
بالرغم من التحذيرات التي تلقاها قيصر بشأن مؤامرة على وشك استهدافه ، إلا أنه قرر الحضور بعد أن أقنعه بروتوس أن مجلس الشيوخ سيتضرر إن لم يحضر الاجتماع ، في 15 من مارس عام 44 قبل الميلاد انتهت حياة قيصر ، فعندما وصل إلى مجلس الشيوخ انهال الكل عليه بطعنات بالرغم من الموت الذي يقترب منه بسرعة ، إلا أن قيصر لم يسقط وظهر له الأمل من بعيد عندما رأى صديق عمره بروتوس قادما نحوه فمشى باتجاه صديقه وهو متخبط بدمائه معتقدا أنه جاء لإنقاذه . لكنه فوجئ بصديقه يرفع سلاحه ليطعنه بدوره ، واتسعت عينا قيصر بذهول هاتفا حتى أنت يا بروتوس؟ وسقط قيصر ميتا بعد أن تلقى ثلاثة وعشرين طعنة.
استقبل الشعب الروماني خبر مقتل يوليوس قيصر بصدمة شديدة ، وخرج الناس لوداع قيصر إلى مثواه الأخير ، وهاجم الحشد الغاضب منازل المتأملين ، وهكذا أسدل الستار على واحد من أشهر أباطرة الرومان عبر التاريخ.
حتى أنت يا بروتوس إذن فليسقط قيصر ، لم يكن الإمبراطور الروماني يوليوس قيصر يدرك وهو ينطق بهذه العبارة كما ورد في مسرحية يوليوس قيصر لشكسبير ، أن مقولته تلك سترددها الأجيال من بعده كتعبير عن الخيانة والغدر من المقربين والأحباب . الطعنة التي تلقاها القيصر من صديق عمره صنفت من أبشع الطعنات وأسوأ عملية اغتيال في التاريخ.