بابلو اسكوبار بارون المخدرات وحبيب الفقراء | الرجل الذي أرهق أمريكا

ولد “بابلو اميليو اسكوبار غافيريا” في 1 من ديسمبر سنة 1949م بمدينة “ريونيغرو” في كولومبية ، من عائلة فقيرة حيث عمل والده كمزارع ووالدته معلمة ومنخرطة في الحزب المحافظ الكولومبي ، وقد قتلت أمه على يد الحزب الليبرالي بعد هجوم قاموا به وقتلوا جميع الناس الموجودين في المدرسة ومن بينهم الأطفال ، وقد نجى بابلو من المذبحة بأعجوبة ، والكثيرين يظنون أن بابلو شخص غير متعلم ، لكن في حقيقة الأمر أن بابلو درس القانون الجنائي لسنتين في جامعة ميديلين ، وقد كان يود أن يصبح محاميا ، كما كان بابلو يتكلم ثمان لغات ( الاسبانية ، العربية ، الفرنسية ، البرتغالية ، الايطالية ، الانجليزية ، والعبرية ) . انتقلت أسرة بابلو إلى أطراف مدينة ميديلين وهو في سن مبكر ؛ وهناك بدأ بابلو عالم الجريمة في مراهقته حيث كان يسرق شهادات القبور أي الرخامات التي تكتب عليها أسماء الموتى ، كما كان يقوم ببيع الأجهزة الكهربائية كالراديو وغيرها بشكل غير قانوني ، بالإضافة إلى كونه كان يبيع تذاكر اليانصيب المزورة والشهادات الدراسية المزورة .

 وبهذا تعرف بابلو على بعض من رجال الشرطة الفاسدين ، وبذلك بدأ رحلته في بيع المخدرات إلى البيرو بكميات صغيرة في بادئ الأمر ، وبعدما أصبحت قوته تكبر وضع لنفسه شعارا الفضة أو الرصاص ، بهذا بدأ بتهديد رجال الشرطة وحراص الحدود . فقد عانى بابلو اسكوبار من فقر مدقع في طفولته لدرجة أن عائلته لم تكن قادرة على ضمان الأمن الغذائي ، وهذا ما اضطره إلى الخروج من الجامعة لكي يستطيع اجاد عمل ليعيل أسرته ، ومن تم بدأ بسرقة السيارات والخطف … كما كان طموح بابلو كبيرا مما جعله يتجه نحو الممنوعات ، وقيل أنه وعد أمه عندما كان طفلا بكونه سوف يصبح مليارديرا في كبره ، وقد أصبح يكره الشرطة والعسكرين خاصة بعد مقتل والدته .

بزوغ نجم بابلو اسكوبار

تصاعدت قوة بابلو مع مرور الوقت وأصبح يبيع كميات كبيرة من الكوكايين ، حيث كان يدير العمل بنفسه ، وفي سنة 1976م استطاعت الشرطة امساك 18 الكيلوغرام من المخدرات بصحبة بابلو ، وقد حاول ارشائهم في أول الأمر لكن الكمية كانت أكبر من أن يقبلوا المال ، فألقي القبض عليه ، لكن ما فتئ الأمر حتى قام بقتل ضباط الشرطة وحرق كل الملفات المتعلقة به ، مما اضطر الشرطة إلى الافراج عنه بعدم قدرتهم على ايجاد أدلة ، وبذلك انضم إليه “خورخي لويس أوتشوا” واخوته الاثنين “خوان ديفيد” و “فابيد” ، كما انضم إلى رابطة بابلو “غونزالو رودريغيز غتشا” و “كارلوس ليهدر” ، وبهذا أصبحت قوة بابلو اسكوبار قوة لا تضاه ، حيث أنشأ عصابة “كارتل ميديلين” والتي يترأسها بابلو اسكوبار وتضم أكبر تجار المخدرات في العالم ، كان عمل العصابة الرئيسي هو الجريمة بجميع أنواعها وبشكل خاص تهريب المخدرات وخاصة الكوكايين إلى الولايات المتحدة الأمريكية .

 كانت عصابة كارتل ميديلين تجني وتصنع الكوكايين وتقوم بتهريبه إلى الولايات المتحدة عبر البشر والطائرات السياحية الصغيرة وكذلك الغواصات المسيرة عن بعد وغيرها من الطرق ، وقد وصل بهم الحد إلى شراء جزيرة “نورمان كاي” القريبة من الولايات المتحدة الأمريكية لتسهيل تصدير المخدرات لها ، وبهذا أصبحت عصابة “ميديلين كارتل” تصدر ما يقرب من 8 طن من المخدرات يوميا إلى أمريكا .

 وقد وصلت نفوذ العصابة إلى حد يصعب ترقبه كما كانت تمتلك مصانع ومزارع كبرى في تصنيع الكوكايين ؛ كما كانت العصابة تمتلك موزعين لبضاعتها في الولايات المتحدة الأمريكية ، وبهذا غرقت أمريكا بالكوكايين الرخيص والذي أدمن به الفقراء والمراهقين بشكل كبير جدا ، وقد وصل تصديره للمخدرات إلى 80% من الانتاج العالمي وجمع ما يقرب 40 مليار دولار في غضون أقل من عشر سنوات ، وقد بنى بابلو مستودعات لتخزين أمواله ، وكان يخسر ما يقرب 2 مليون دولار سنويا بسبب الفئران .

الملياردير بابلو اسكوبار

أصبح بابلو اسكوبار أغنى أغنياء العالم لمدة 7 سنوات متتالية ، بثروة تتجاوز 30 مليار دولار والتي تساوي اليوم 90 مليار دولار ، وهنا اضطر بابلو اسكوبار إلى تخزين أمواله تحت الأرض وتحت منزله ، بعد تعذر مخازنه عن احتمال المبالغ الطائلة التي أصبح يمتلكها ، فقد وصلت المبالغ اليومية التي كان يجنيها إلى 60 مليون دولار يوميا ، وقد أحرق 2 مليون دولار بعدما أحست ابنته بالبرد عندما كان بابلو هاربا من العدالة في سفوح جبال ميديلين ، كما أهدى بابلو لابنته جميع أنواع الحيوانات الموجودة في العالم بمنتزه خاص بها وحدها ، وقد اشترى بابلو أفخم قصر في “كيا ميامي” بالولايات المتحدة الأمريكية بعد حصوله على تأشيرة ، في فوزه بمقعد بالبرلمان الكولومبي .

بابلو اسكوبار الجلاد

قتل بابلو اسكوبار ثلاثة من المرشحين بكولومبية ، حيث قتل وزير العدل والنائب العام الكولومبي ومدير ميديلين التنفيذي وقتل أكثر من 200 قاضي ، وأكثر من 1000 ضابط شرطة ومئات من المدنيين والمختطفين ، وقد أسهم في ادمان الألاف من الناس حول العالم ، فقد وصلت تجارته لكل شبر في هذا العالم ، متجاوزتا جميع القرات ، وأصبحت عصابته أقوى عصابة في العالم أجمع ، بالإضافة إلى عدد القتلى الذين أسهم في موتهم بشكل غير مباشر ، كانتشار الاجرام والقتل والسرقة وغيرها نتيجة للإدمان ، كما كان بابلو يهدد المسؤولين ويدفعهم إلى قبول الرشوة بالقوة خوفا من الموت .

وقد أعلن بابلو الحرب على الدولة الكولومبية سنة 1989م ، مما أدى إلى انتشار الاغتيالات بشكل لا يطاق ، وأصبحت الشوارع ممتلئة بالقتلى والمجرمون والسيارات المفخخة ، مما جعل الدولة تفقد هيبتها ، وقد استسلمت في النهاية إلى الأمر الواقع ؛ وقد تصور بابلو اسكوبار في الولايات المتحدة الأمريكية أمام البيت الأبيض ، رغم أنه كان هو المطلوب الأول لدى أمريكا وكولومبية ، في علامة إلى التحدي واظهارا للقوة .

اسكوبار والسياسة

دفع بابلو اسكوبار أعضاء البرلمان للتصويت عليه ، لكي يمتلك الحصانة الدبلوماسية ليتربح بعدم قدرة أي شخص أن يقوم بحاكمته أو سجنه ، وهنا بدأ بابلو بإصلاحات كبيرة داخل البلاد ، فقد قام ببناء الملاعب والمستشفيات والمدارس ودور الأيتام ، وقد أكسبه هذا حبا كبيرا من طرف الناس ، كما بدأ ببناء البيوت للفقراء واعطاء المال للمعوزين .

نهاية بابلو

سلم بابلو اسكوبار نفسه إلى الحكومة الكولومبية بعدما اتفق معهم ، على بناء السجن بنفسه ، وقد بنى سجنه أو فندقه إذا صح التعبير بمعايير 5 نجوم ، وقام باختيار حراس السجن بنفسه ، وهنا كان بابلو يعمل في تجارة المخدرات أكثر مما كان عليه وهو طليق ، كما كان سجنه أفخم سجن في العالم ، وكان الترفيه فيه أكثر من الترفيه في الخارج ، وهنا سئمت الحكومة وقررت سجنه في سجن خاص بها ، وهنا قرر بابلو الهروب من جديد ، لكن عشيقته الاعلامية التي كانت تعيش معه في السجن ، وشت به وأعطت للشرطة أعظم أسراره ونقاط ضعفه ، فأخبرتهم أن أكبر نقطة ضعف لدى بابلو هي أسرته ، وبذلك ألقت الحكومة القبض على أسرة بابلو بعد محاولتهم مغادرة البلاد نحو ألمانيا .

وحين اتصل بابلو اسكوبار بابنه لمعرفة حاله وحال الأسرة ككل ، قامت الحكومة بترصد موقع بابلو ، وهنا حاصرت الشرطة والجيش الحي الذي كان يقطن فيه بابلو وقاموا بقتل حراسه الشخصيين بعد معركة دامية .

مقتل بابلو

بعدما علم بابلو أنه محاصر حاول الهروب من الباب الخلفي للمبنى الذي كان فيه ، لكن الشرطة أطلقت عليه الرصاص وتوفي حينها ، عن عمر يناهز 44 عاما في 2 من ديسمبر سنة 1993م . بكاه الشعب الكولومبي الذي حضر بالألاف في جنازة مهيبة ، وحاليا لا يزال قبر بابلو من بين أكبر المزارات التي يذهب لها الناس سنويا ، حيث أصبح معلم سياحي ذائع الصيت .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى